الحكومة ترفع الدعم «مرتين» عن المشتقات النفطية!؟ *
حلمي الأسمر
15-06-2008 03:00 AM
أسعار النفط لخمتنا ، ننام على سيرة الرفع ونصحو عليها ، واضطررنا رغم عدم تخصصنا في الاقتصاد أن نقرأ ونقرأ في هذا الحقل الجامد كي نفهم ما يجري حولنا ، ليس ترفا بل رغبة في فك شيفرة هذا اللغز الذي حول حياتنا إلى جحيم ، والمشكلة هنا أن أحدا لا يعرف على وجه اليقين إلى أين سيصل سعر برميل النفط ، ففي يوم 11 أيلول سبتمبر كان سعر البرميل يساوي 25,50 دولار للبرميل الواحد ، وفي يوم 13 نوفمبر 2007 وصل إلى حوالي 90 دولارا للبرميل الواحد ، وخلال الشهر الماضي بلغت اسعار النفط أعلى مستوياها ، اذ بلغ سعر البرميل أعلى مستوى له ببلوغه 135,14 دولار ، فيما كان أقل مستوى له خلال هذه الفترة 114,21 دولار ، الحكومة من جهتها اتخذت جملة من الإجراءات لمواجهة هذا الارتفاع المذهل ، ووعدت -ضمن ما وعدت - بربط الرواتب بمعدل التضخم في العام 2009 ، لكن حتى هذا الحين ماذا يفعل الناس؟ وزيرا المالية الدكتور حمد الكساسبة وتطوير القطاع العام ماهر المدادحة قالا في بداية الأزمة ان زيادة رواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري والمتقاعدين ستغطي نسبة ارتفاع اسعار المشتقات النفطية والسلع الاخرى التي تأثرت بتحرير اسعار المحروقات ، كان هذا الكلام في بداية ماراثون الارتفاع ، لكن سعر برميل النفط واصل الارتفاع ، وواصلت الحكومة زيادة أسعار المحروقات ، ومنذ أن شرعت الحكومة في خطة تحرير قطاع الطاقة ، ارتفعت أسعار السولار والكاز بنسبة %97 ، فيما ارتفعت أسعار الغاز مرة واحدة بنسبة %56 ، وأسعار البنزين بنسب تراوحت بين %15 و50% ، فيما بقيت الرواتب والدخول على حالها ، وشهدنا في الأثناء جملة من الظواهر الاجتماعية المريعة ، كتعبير عن حالة الذعر التي أصابت الناس من الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات،خبراء الاقتصاد منقسمون بشدة حول التنبؤ بحركة ارتفاع أو انخفاض سعر برميل النفط ، أكثر الآراء تفاؤلا تعود لمدير تحرير مجلة \"فورتشن\" الأمريكية ، شون تيلي ، وهي تتوقع عودة أسعار النفط خلال الفترة المقبلة إلى التراجع بقوة نحو مستوى 50 دولاراً تحت تأثير قواعد عمل السوق والعرض والطلب ، ويذكّر تيلي بما شهدته الأسواق العالمية في السابق عندما ظهرت \"فقاعة\" الإنترنت. ويقول أن قواعد عمل السوق تشير إلى أن السؤال الذي يجب طرحه هو \"متى ستتراجع الأسعار\" و\"تنفجر الفقاعة\" وليس \"هل ستتراجع الأسعار.\" وحتى تتحقق نبوءة الفقاعة تلك ، ثمة من يتنبأ ببلوغ سعر البرميل 225 دولارا العام 2010فيما يعتقد آخرون أن أسعار النفط وصلت إلى قمتها في الفترة الحالية ، مستبعدين أن تبلغ الاسعار حاجز الـ140 دولارا للبرميل على المدى القريب،المهم في كل هذا هو كيف نواجه حالة الارتفاع المستمر بخطوات عملية ، بعيدة عن \"حلم\" العودة إلى سعر 50 دولارا للبرميل؟ ماذا تفعل دول العالم لمواجهة هذ الوضع الجديد؟فرنسا مثلا وعلى لسان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قالت إنه ينبغي للاتحاد الأوروبي دراسة وضع سقف لضرائب المبيعات على منتجات الوقود إذا واصلت أسعار النفط الارتفاع لتخفيف مخاوف المستهلكين بشأن زيادة التكاليف. كما اقترح ساركوزي الاستعانة بالايرادات الإضافية من ضرائب المبيعات على البنزين لإنشاء صندوق لمساعدة المهنيين الأكثر تضررا من ارتفاع اسعار الطاقة ، ساركوزي يعتقد إنه لا يوجد مؤشر على أن أسعار النفط ستتراجع ولهذا دعا شركاء الاتحاد الأوروبي إلى دراسة تبني نهج مشترك إزاء المشكلة. وقال \"إذا واصل سعر برميل النفط الصعود.. هل سنواصل السماح لضريبة القيمة المضافة (ضريبة المبيعات) بمواصلة الزيادة تناسبيا. اقتراحي هو أنه ينبغي أن نجعلها مستقرة.\" وهنا مربط الفرس ، وقد تحدث بهذا الشأن رئيسا اللجنتين النيابيتين المالية والاقتصادية والطاقة حيث طالبتا الحكومة بتحويل جزء من فائض رسم البلديات المفروض على المشتقات النفطية لدعم السولار والكاز. رئيس اللجنة المالية والاقتصادية النائب خليل عطية قال في هذا الصدد أن ما تم استيفاؤه من رسم البلديات في ظل ارتفاع اسعار المحروقات بلغ أكثر من 120 مليون دينار في الوقت الذي رصدت الحكومة لدعم البلديات في الموازنة العامة مبلغ 60 مليون دينار ويبلغ رسم البلديات على المشتقات النفطية ما معدله 6% ، ولهذا أوصت اللجنتان النيابيتان ، بحسب عطية ، بان يتم تثبيت ضريبة المبيعات على المحروقات والبالغة %16 حسبما كان فيه سعر النفط وقت اقرار الموازنة العامة للدولة ، وقال عطية -ونحن معه - انه لا يجوز ان تبقى مبالغ الضريبة على المحروقات تصاعدية في ظل الوتيرة المتصاعدة لارتفاع اسعار النفط. أما رئيس لجنة الطاقة النيابية عاطف الطراونة فقال إن ربع قيمة الفاتورة النفطية يدفعها المواطن على شكل ضرائب ، ما يعني أن الحكومة ومنتجي النفط على المواطن ، وهذا ليس عدلا ، وليس من المعقول أن يشوي ارتفاع برميل النفط قلوب الناس ، كي تأتي الحكومة لتشلوحها،اقتراحي المحدد ليس ابقاء ضريبة المبيعات عند مستوى معين ، بل الغاؤها بالكامل ، وفي هذا توفير كبير على الناس ، يستطيعون فيه مواجهة الظروف الصعبة التي نمر بها ، ولنتذكر هنا أن عملية \"تحرير\" الأسعار جاءت لرفع الدعم عن أسعار المحروقات وليس جباية رسوم على بيعها ، يعني من غير المعقول أن ترفع الحكومة الدعم عن أسعار المشتقات النفطية مرتين ، وتحرر الأسعار مرتين-
الدستور