انخفاض النفط .. تحديات في بطن الفرص
عبد الله بني عيسى
09-12-2015 06:04 AM
صحيح ان انخفاض فاتورة النفط التي تدفعها الحكومية الاردنية (انخفضت بمعدل 50% في 2015 مقارنة بعام 2014 ) خلف ارتياحا حكوميا، بعدما خفف من الضغوطات التي طالما جعلتها تترنح بفعل ارتفاع تكاليف الطاقة، وصحيح أن البنك الدولي رصد مؤشرات على انتعاش في النشاط الاقتصادي، مستفيدا من تراجع أسعار النفط، إلا أن هذا الشعور قد يكون خادعا ما لم تتحسب الحكومة لتداعيات هذا الانخفاض على المديين المتوسط والبعيد. ولعل اسوأ تلك التداعيات هو احتمالات انعكاس ذلك على تحويلات المغتربين الاردنيين التي بلغت 3.73 مليار في 2014 مرتفعة من 3.6 مليار دولار في 2013. وجل هذه التحويلات جاءت من المغتربين الاردنيين في دول الخليج النفطية على نحو خاص (500 الف اردني في دول الخليج، وفقا لتقديرات رسمية).
دول الخليج بنت احتياطات ضخمة من العملات الاجنبية خلال سنوات الطفرة النفطية، ولا يوجد حتى الان ما يشير إلى تأثيرات عميقة في اداء اقتصاداتها خلال العام الحالي 2015 والعام 2016، لكن توقعات “صندوق النقد الدولي” تشير إلى أن دول الخليج ستتحرك لخفض الإنفاق، من أجل تحقيق التوازن في ميزانياتها. ورجح أن ينمو العجز المالي في دول الخليج 13%، محذراً من خسارة تريليون دولار خلال الخمسة أعوام القادمة، ما يفرض عليها اتخاذ إجراءات للتكيف مع الواقع الجديد. في موازاة اجراءات ضريبية غير مسبوقة، إذ اعلن رسميا أن دول الخليج بصدد الاتفاق على فرض ضريبة القيمة المضافة جماعيا خلال السنوات الثلاثة المقبلة.
في مستوى الآمال نتمنى أن لا تنعكس تطورات النفط السعرية الحالية والمتوقعة (برميل النفط سجل مطلع الاسبوع الحالي ادنى مستوى له خلال 7 سنوات) على أوضاع العاملين الاردنيين في الخليج، لكن في مستوى الحسابات المتوسطة وبعيدة المدى فإن على الحكومة ان تتوقع تأثر وظائف شريحة من الاردنيين العاملين في دول الخليج، خصوصا العاملين منهم في قطاعات مثل العقارات وخدمات البنية التحتية والطبقة الوسطى من الموظفين.
ومن النتائج المتوقعة لاستمرار انخفاض اسعار النفط العالمية، انخفاض الدعم الذي تقدمه دول الخليج للأردن، سواء الدعم المباشر الذي يمر عبر الخزينة مباشرة، لدعم ميزان المدفوعات (تراجع على نحو لافت خلال السنوات الماضية) أو من خلال المنحة الخليجية ( 5 مليارات دولار على مدى 5 سنوات تنتهي العام الحالي، ويأمل الاردن في تجديدها لخمسة اعوام اخرى).
لا اريد ان أكون متشائما لكن حسابات الدول يجب ان تأخذ في الاعتبار اسوأ الاحتمالات. وعلى الحكومة الاردنية ان تتحسب لذلك من خلال تدابير تعظم المكاسب الناجمة عن الانخفاض الحالي في فاتورة الطاقة، بإجراءات متعددة من بينها الانفاق في مشاريع رأسمالية ذات قيمة وفائدة حقيقية على الاقتصاد الوطني، وتكون قادرة على امتصاص أية تداعيات محتملة لانخفاض تدفق السيولة من دول الخليج. ولعل من الفرص المتوقعة امام الاقتصاد الاردني تعزيز القيمة النسبية له امام اقتصاديات دول المنطقة، لكن ذلك يتطلب جهدا علميا وعمليا ينصب في اتجاه استقطاب الاستثمارات التي تبحث عن عوائد طويلة الاجل.
* صحفي اردني يقيم في دبي