اكتشف امراء الحرب الليبية في بنغازي وطرابلس ان استمرار الوضع على ما هو عليه خلق حالة اسمها داعش، ولها استراتيجية وتجربة سوريا والعراق معا فقد تجمعت في الوسط بين التجمعين، وامتدت الى الجنوب لتسيطر على الحقول النفطية فيما سيطرت على جزء غير بسيط من الساحل الليبي .
مبعوث الامم المتحدة متفائل بالوصول الى حل يعيد الاطراف المتحاربة الى صيغة الدولة، ويحشد قواها في مواجهة داعش. واذا حدث ذلك، واتفقت تركيا وقطر بوقف سيول المال والاسلحة على جماعة المجلس التأسيسي في طرابلس، باعتبار التحالف مع الاخوان المسلمين. فإن لا شيء يمنع من العودة الى دستور الملكية دون الملك، فقد عاد الجميع الى علمها، والى وحدتها، فالمرحوم الملك ادريس كان امير برقة وحمله الجميع الى العرش. فالرجل مجاهد حقيقي، وكان الوحيد الذي لم يتعامل مع الاستعمار الاوروبي في المنطقة .
لقد اجرمت الدول الغربية في تدميرها لنظام القذافي من الجو، وتركت «الثوار» الشباب الذين لم يكونوا يملكون التجربة والتنظيم الحزبي.. فالطاغية رفع شعار «مَنْ تحزّب خان» واستثنى الاخوان المسلمين اول الامر، ثم قمعهم بعد ان تجذّروا في مناخ خواء من اي تحرك فكري – سياسي، فيما عدا الكتاب الاخضر، وقائد الثورة القومية، وخليفة جمال عبدالناصر .. وملك ملوك افريقيا .
ولان لتركيا مصالح اهمها تعهدات البناء، ولان قطر تولت تمويل الاخوان المسلمين وحملهم على اجنحة فضائياتها، فقد وجد الطرفان انهما قادران على الهمينة على النظام الجديد بعد ان اكتفت الدول الغربية بتدمير نظام القذافي، تاركة المنطقة للتطرف بكل اشكاله فليبيا كانت اكبر مستودع للاسلحة في افريقيا، واكبر الارصدة المالية. وكانت الدول المحيطة بها – وما تزال – خداجاً ولم تستقر في مصر وتونس.
الان عين ايطاليا على ليبيا لان شركة «ايني» النفطية لها حصة هناك، الى جانب الذكريات الاستعمارية القديمة.. وفرنسا مسكونة بداعش والارهاب وعيونها هي الاخرى على ليبيا، لانها ميناء الهجرة الاكبر على المتوسط ولان هناك امكانية لاندساس خلاياها في قوافل المهاجرين السوريين والعراقيين والافغان والافريقيين. والوصول دون عناء الى مدن اوروبا، وتوزعها في المدن الكبرى حيث يمكن اخفاء الآلاف من الداعشيين المساكين الذين يتسلمون المسكن ورغيف الخبز والعمل والمواصلات.. من دول اوروبا.. دون الحاجة الى اعباء توفير نفقاتهم .
اذا لم يسرع الليبيون الى وحدة صفهم، والالتزام بكيانهم الوطني ودولتهم، فانهم سيقعون بين داعش والتدخل الاوروبي والغربي.. وربما العربي ايضا. فهم ليسوا احسن حالاً من اخوانهم في سوريا والعراق واليمن .
الراي