تمثل المنافسة الدولية الشديدة على الجبهة الصناعية اكبر التحديات التي تواجه كوكب الأرض ، وجعل الحياة عليه محفوفة بالمخاطر والكوارث في ظل ما يشهده من نشاطات بشرية ، قادت الى ارتفاع درجة حرارته ، بصورة أسهمت في احداث خلل وتغير مناخي ، والحقت الضرر الفادح في التنوع البيئي. ويبدو ان البشرية تدفع ثمن عبث الدول الصناعية المتقدمة في المنظومة الكونية بحثا عن نمو اقتصادها وتحقيق المزيد من مصالحها المادية ، وحتى اسهامها في توفير وسائل الراحة والسعادة (والرفاهية) بتوظيفها لاخر ما توصل له العلم من اكتشافات واختراعات دون ضوابط او مراعاة للتداعيات المناخية الكارثية والخطيرة ، التي تهدد حياة البشر على هذا الكوكب ، الذي بات مجالا مستباحا من قبل هذه الدول الكبرى ، المسؤولة أولا وأخيرا عن تلويثه وتسميمه بالانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري ، والتي وصلت الى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة ، وما رافق ذلك من زيادة وتيرة الكوارث والظواهر المناخية من موجات حرارة شديدة وفيضانات وعواصف واعاصير وجفاف وارتفاع مستوى البحار والمحيطات ، ومن ثم تهديد الامن الغذائي والمائي (والبيئي). ما حدا بجلالة الملك عبد الله الثاني الى وصفها بمعركة المناخ ، وذلك خلال الكلمة التي القاها في قمة المناخ في باريس الأسبوع الماضي.
رغم الجهود الدولية الرامية الى الحد من هذه الاثار الكارثية من خلال عقد المؤتمرات والقمم الدولية المتعلقة بالمناخ ، الا انه لا يوجد في الأفق ما يبعث على الامل او التفاؤل بإمكانية ترجمة هذه الجهود الى إجراءات وسياسات على الأرض ، كفيلة بمكافحة الاختلال المناخي في ظل الاعتراضات والتحفظات التي تبديها الدول الصناعية على نتائج وتوصيات هذه الفعاليات الدولية ، بضرورة خفض معدلات الاحتباس الحراري ، لما لذلك من تأثيرات سلبية على فرص منافستها في الساحة الصناعية العالمية ، لذلك تجد بعض قيادات هذه الدول يقول ، بان التصدي للتغير المناخي يجب ان لا يضر بالنمو الاقتصادي لبلاده (الرئيس الأمريكي ) ، والبعض الاخر يقول ، ان الدول تحتفظ بحرية الاختيار فيما يخص وضع معالجات خاصة بها ، تتناسب مع ظروفها الخاصة ( الرئيس الصيني ). علما بان الولايات المتحدة الامريكية والصين اكبر دولتان تتسببان في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري ، وهما مسؤولتان عن 40% من هذه الانبعاثات. ما يؤكد ان مصالح المجتمعات الصناعية ومكافحة التغير المناخي مسألتان متناقضتان ، الامر الذي يبقي العالم تحت رحمة هذه المجتمعات. حتى ان قمة المناخ الحالية والتي ما تزال منعقدة في باريس ، والتي تهدف الى احتواء ارتفاع درجة الحرارة في العالم من خلال خفض معدلات الاحتباس الحراري الى درجتين مئويتين ، ستعاني من صعوبات واشكاليات قد تحد من دورها في تحقيق هذا الهدف.
ان مواجهة التحديات التي يفرضها التغير المناخي ، تقتضي جهدا دوليا جماعيا مسؤولا ، لحماية كوكب الأرض من هذه التحديات الناتجة عن النشاطات البشرية ، والتي تسببت في احداث اختلال مناخي خطير ، ما يحتم على الدول الكبرى الاعتماد على الطاقة المتجددة واتباع أنظمة اقتصادية وصناعية نظيفة تقلل من الانبعاثات الغازية. وهو ما اكد عليه جلالة الملك في قمة باريس عندما ذكر ، بان دول العالم اجمع معنية بالتصدي لهذا التحدي.. وعلينا العمل بشكل جماعي على المستوى الدولي ضمن رؤية ونهج مستدام وشامل ، مستحضرا جلالته جهود الأردن في هذا المجال ، وحرصه على تكاملية سياسات الطاقة والبيئة ضمن استرتيجية تنموية وطنية مستقبلية ، تهدف الى توسعة الطاقة البديلة ، حيث تم انشاء اكبر محطة لتوليد طاقة الرياح في العالم العربي ، وتلبية احتياجاتنا المتنامية للمياه عبر تحلية مياه البحر والمضي قدما في مشروع قناة ناقل البحرين .
الراي