لماذا التخوف الإسرائيلي من التقارب الأردني - الروسي ؟
رجا طلب
07-12-2015 02:49 AM
أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون خلال محاضرة له في مؤتمر سبان في واشنطن عن مخاوفه من حالة التقارب الأردني – الروسي دون الخوض في أسباب هذا التخوف.
تصريح يعلون هذا يشكل في احد أبعاده صحة الخيارات الإستراتيجية الأردنية التى اختطها جلالة الملك ، وتحديدا لجهة تنويع التحالفات علي أرضية محاربة الإرهاب والعمل على دعم الاستقرار الإقليمي والدولي.
يعلون كاد أن يقول « وبغصة » في محاضرته أن الأردن نجح وبزمن قياسي من إيجاد توازن إلى حد كبير في علاقته مابين واشنطن وموسكو ، وان النمو المتسارع للعلاقة مع موسكو عوضت الأردن وبقدر كبير عن الضعف الأميركي في محاربة «داعش» في العراق وسوريا ، ووفرت أي تلك العلاقة ضمانات أمنية – وعسكرية للأردن تحصنه ضد بعدين يمثلان خطرا على أمنه القومي المحتمل قدومه من سوريا وهما :
أولا: الدور الإيراني في سوريا والذي تحول بعد التدخل الروسي العسكري والمكثف قبل شهرين إلى دور تابع للدور الروسي بعدما كان اللاعب الرئيس في المشهد السوري على مدى السنوات الخمس الماضية ، فالتواجد العسكري الروسي في سوريا اليوم وبعد الأزمة مع تركيا بات من بين أهم ملفات الأمن القومي الروسي وللدرجة التى طغى فيها حتى على ملف اوكرانيا – القرم ، وهو أمر يجعلها لا تتهاون إطلاقا مع إيران أو غيرها في فرض أية وقائع جديدة في سوريا تضعف القبضة الروسية على الملف السوري ، وهو أمر يخدم مصالحنا الاستراتيجية في إضعاف إيران داخل المعادلة السورية ، لان قوة طهران في تلك المعادلة تعني تنامي خطرها علينا وعلي الإقليم بحكم حالة التناقض الاستراتيجي معها ، وليست مصادفة أن تعترض إيران على المقترح الروسي بالإيكال للأردن وبحكم خبرته في محاربة الإرهاب بتسمية وتصنيف الفصائل الإرهابية في سوريا لمخاوفها من أن يقوم الأردن بوضع أسماء تنظيمات وتشكيلات عسكرية شيعية تابعة لها متورطة بأعمال إرهابية في سوريا.
ثانيا: خطر «داعش» والتنظيمات الإرهابية السنية الأخرى كجبهة النصرة ، و أحرار الشام، وجيش الإسلام، وجيش الفتح وغيرها ، فرغم كل ما تبثه الدعاية التركية من أن روسيا لا تقوم بضرب مواقع داعش داخل سوريا ، فان الصراع التركي – الروسي والذي نتج أصلا عن ضرب مصالح تركيا عبر «داعش» وتحديدا في استهداف تهريب النفط من سوريا لتركيا ، جعل موسكو أكثر شراسة في استهداف داعش.
للأسباب سالفة الذكر فان إسرائيل منزعجة من التفاهم الدافئ بين الأردن وروسيا ، فإسرائيل ترى أن مصالحها الإستراتيجية تكون دائما بضعف النظام العربي الرسمي أو المتبقي منه ، وتحديدا الأردن.
ومن الناحية العملية فان كلام يعلون هو بمثابة رسالة ابتزاز لواشنطن على كافة الصعد حيث يريد إفهامها أن ضعفها في الشرق الأوسط بات لصالح روسيا وان حليفين أساسيين لها في المنطقة هما الأردن والسعودية باتا متفاهمين بعمق مع روسيا ليس في الملف السوري فحسب بل في الملف الإقليمي برمته ، وان إسرائيل فقط هي التي مازالت ملتزمة بالأجندة الأميركية تجاه مجمل ما يجري فيها من تطورات ، رغم أن الحقيقة هي غير ذلك ،فإسرائيل ومعها نظام الأسد هما المستفيدان مما جرى ما بين روسيا وتركيا ، فنظام الأسد شعر بان الروس دخلوا « تجربة تحولت بسبب غباء اردوغان » إلى تحد ومعركة متعددة الأبعاد «عنوانها الدفاع عنه».
أما إسرائيل فقد اكتشفت أن الوجود الروسي هو أفضل الضمانات لأمنها وتحديدا في موضوع « وقف تهريب السلاح السوري إلى حزب الله ، ومنع أي عمليات ضدها في الجولان السوري من قبل أي طرف من أطراف الصراع السوري – السوري.
وإسرائيل تعمل حاليا على استثمار الصدام الروسي – التركي ، من اجل توسيع هامش مناورتها في التعامل مع الطرفين وتحديدا في الجانب الاقتصادي.
فروسيا التي عاقبت تركيا بمقاطعة اقتصادية فاتورتها المبدئية 20 مليار دولار أميركي ، تجد أن تل أبيب يمكن أن تشكل بديلا ولو جزئيا عن تركيا ، وفي المقابل تعمل تركيا الان على استمالة إسرائيل اقتصاديا على كل المستويات وتحديدا في مجال التبادل التجاري بفروعه المختلفة ، وفي مجال السياحة ، بالإضافة إلى مجال الصناعات العسكرية المشتركة.
يعلون... ثعلب إسرائيل الثاني بعد أيهود باراك ، بات يدرك جيدا أن الأردن ورغم النيران المشتعلة على جواره الجيو–سياسي هو اقوى من أي وقت مضى !
Rajatalab5@gmail.com
رجا طلب