ارحل .. يا هداك الله فقد " خربتها وقعدت على تلتها "
عدنان الروسان
05-12-2015 07:01 PM
لقد كان الملك واضحا تماما منذ اليوم الأول لتوليه مسؤولية الحكم مع رؤساء الحكومات الذين كلفهم بتولي المسؤولية الوطنية الأولى لإدارة شؤون البلاد والعباد، فقد ركز في كل خطاب وكل رسالة وكل كلمة على أن الإنسان الأردني هو محور العملية السياسية ، وهو الركيزة الأولى للوطن، وهو أغلى ما نملك.
غير أن أداء الحكومة جعل الناس تتندر بكل الشعارات الوطنية وأوصل الأردنيين إلى حافة الانهيار الحقيقي ، بينما رئيس الحكومة لا يعي أن الأمر جلل وأن الشطارة لها حدود حيث تنقلب بعد ذلك إلى " فهلوة " و الفهلوة ليس واحدة من فضائل السياسيين ولا هي ميزة تسجل في سجل العظماء.
إن موجة رفع الأسعار الجديدة التي فاجأت الحكومة بها المواطنين بدت اقرب إلى الانتقام منها إلى السياسة الاقتصادية، بل بدت أقرب إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة من مجلس الأمن على العراق ذات يوم، وصارت صورة رئيس الحكومة في أذهان الناس أقرب إلى صورة هتلر عند الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية ، وأقرب إلى صورة صقور اليمين الأمريكي المتطرف إبان حرب الخليج الثانية، وأقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.
لقد صار اسم الرئيس كابوسا يوقظنا من النوم، لقد طفح الكيل ، وما تقدم عليه الحكومة ليس إلا تحريضا واضحا ضد ضد الوطن، ودفع للناس إلى الثورة والعصيان المدني، لولا أن الناس عقلاء و يخافون على الوطن أكثر من الحكومة.
لا يجوز السكوت على ما يجري لأن الرهان الذي على الطاولة ليس مسألة شخصية ولا خلافا سياسيا، إنه الوطن ومستقبله ، وإذا كان الرئيس لا يجد موارد مالية لتغطية العجز وسداد الديون وإطعام الناس فليتنحى وليتكل على الله، و هو ليس مُنتجَا "قل وصفه"، فالأردنيات قادرات على إنجاب رئيس يدير البلاد بغير عقلية "الكاوبوي" التي تدار بها اليوم.
إن غرور الحكومة برأيها و استفرادها بإدارة كل شؤون الحكم واستبعادها لدور مجلس النواب لا يجعل منها حكومة وطنية تدخل التاريخ الأردني، و لا يرسم لها مستقبلا مشرقا أو تاريخا ناصعا يطرز في سجلات المستقبل التي كتبت اسم وصفي بأحرف من نور بينما مسحت أسماء حكومات بكاملها ورؤساء كثر و كأنهم لم يمروا يوما و لم يكونوا مليء الدنيا و سمعها في الأردن.
إن الناس و هي تتلقى أخبار زيادة أسعار ترخيص المركبات وأسعار الغاز تكاد تميز من الغيظ ، وإننا نحمل الحكومة المسئولية الكاملة عن ارتفاع معدلات الإحباط بين أبناء المجتمع الأردني، وإذا كانت الحكومة لا تراقب ما يحدث من أثار مجتمعية مدمرة نتيجة للفقر والقهر وتجبر الحكومة بالناس فإننا ننوه لها و بكل قوة أن هؤلاء الناس أردنيين وأن هذا الوطن اسمه الأردن وأن النزق الشخصي لرئيس أو حكومة لا يمكن السكوت عليه ولا يمكن إلا أن نكون صادقين على العهد مع ولي الأمر وننبه من الأخطار التي قد تترتب على تصرفات الحكومة التي تعيش في برج عاجي لا يشعر من يجلس فيه بهموم الشارع الأردني و مصائبه.
عام الرمادة، أو عام المجاعة رفع الخليفة عمر رضي الله عنه حد السرقة عن الناس لأن الحكومة مجبرة على أن توفر للناس ما يقيهم جوعهم و بردهم والناس شركاء في ثلاثة، الماء والكلأ والنار ، و لم تدع الحكومة واحدة من الثلاثة إلا رفعت أسعارها لتخدم أصحاب رأس المال وليتكرش بعض المتنفذين على حساب جوع الشعب الأردني و فقره.
دولة الرئيس هل لا تأكل الحكومة سمنا و لا سمينا حتى يقدر على ذلك أبناء الشعب الأردني ، هل تنام الحكومة في قر البرد و هي تتدثر بالأمل و تدعو الله أن يطوي الليل و يرسل الشمس دافئة حتى لا يموت الأطفال بردا أو خنقا من صوبة تعمل على الأحذية القديمة " أي والله على الأحذية القديمة" ، هل تدرك الحكومة أننا وصلنا إلى أقصى درجات العقوبات الاقتصادية من الحكومة على الشعب ، و الله لو فرض مجلس الأمن على الشعب الأردني عقوبات ما استطاع أن يصل إلى ما وصلت إليه الحكومة.
دولة الرئيس أنت لست رئيس مليشيا أو حزبا سياسيا، أنت رئيس حكومة الاردن والذي يسعفه الحظ أو يناكده سيان حسب الرؤية الشرعية للموضوع إذا ما كلف بهذه المسئولية و هذا الشرف لا بد أن يعي أن عليه مسؤوليات وأن عليه أن يرأف بحال الناس ، والناس تشتمك في كل مجلس و بيت و شارع ، أقسم بالله العظيم أن الناس باتت تترحم على رؤساء كنت أنت تصفهم ب"اللصوص" ولكن الناس اليوم تريدهم من كل قلبوها.
ما هذا المقلب الذي أوقعنا أنفسنا فيه بالسكوت على بقائك رئيسا، ما هذا الحال يا أبا زهير ، أنا أقول لك بلسان حال كل الفقراء الذين لا يحبونك والذين اسودت الدنيا في عيونهم من وراء إدارتك، أقول لك أرحل سايق عليك الله ترحل يا رجل فقد جف في عهدك الضرع و مات الزرع و توالت المصائب و صار الأردنيون كالأيتام على مأدبة اللئام .
أرحل ... ما دام في الوقت بقية.