- أجل – يمكن أن ينتهيَ أو يتضاءل ، جدّاً .. إذا قام في العالم – عدلُ . ولكنْ ، قبل ذلك أقول :التاريخ كله .. يشهد أن عصور الظلم وعدم العدل ، وحصر الأموال في أيدٍ قليلة .. كان يقع فيها ثوراث واضطرابات – وإرهاب – من الفئات المهمشة ، الفقيرة الجائعة – المظلومة المضطهدة ...

العالم ،اليوم :-

- والعالم ، اليومَ .. أصبح مدينةً ذات ضواحي ، شبكة مواصلات واتصالات واحدة قرّبت البعيد وجعلت الإنسان ,في كل مكان, يعلم ما يحدث في أيّ مكان –لساعته , ويتلقّى نتائجه, إن خيراً فخير, وإن شراً فشر. وهذا وهذا.. يؤثّران على سلوكه وتصرّفه... ولأن عالم اليوم –تمدّد فيه الظلم وضرب بجرانه ,في كل مكان، وانعدم العدل وتقلّص حجمه.. نشأت وتكوّنت-في نار جحيمه ..الجماعات الإرهابية – كالقاعدة ، والشباب المسلم في الصومال ، وداعش – وبوكو حرام – في نيجيريا ، وبعض البلاد الإفريقية . كلُّ ذلك .. نتيجة الظلم وعدم العدل في العالم / المدينة ...

- ولكن العالم ، اليومَ يمشي على رأسه ، فهو كالهَرَم المقلوب . لماذا ؟ لأنه يفكر في القضاء على الجماعات الإرهابية ، بالقوة العسكرية ، من دون نظَر إلى الأسباب التي أدّت إلى تكوّن الجماعات الإرهابية ، وتكاثرها ، وإرهابها المنقضّ على هذا العالم / المدينة . ولكن الأسباب التي أدت إلى ظهورها ، وهي الظلم الفادح، والتمييز الشارخ بين البشر ، وعدم إجراء العدل- غائبة عن عقول المفكرين؟ وكل ذلك .. يقوم على سببين ضخمين : الأول – النظام الاقتصادي الرأسمالي المتغوّل الذي أدّى إلى أن تكون – 95%- من ثروات العالم في أيدي – 5% من أناسه . وهذا .. يؤدي إلى التبذير والإسراف والبذخ ، بل – والسّفَهُ في التصرف ، أحياناً ، عند بعض الأثرياء – يقابله أن – 10% - يعيشون بحدّ الكفاية، من دون قروض أو أقساط ، وأن – 80% - يعيشون على الديون والأقساط ، والقلق المستمّر . ولكن – 5% - لا يجدون الخبز ، لأن بعضهم عاطل عن العمل ، وبعضهم عاجز عن العمل . ولذلك .. فمنهم من يتسوّل ، ومنهم من ينام على الأرصفة ، ومنهم من ينام – بل أكترهم – على الطوى . كُل هذا .. يؤدي إلى الشعور بالظلم والقهر وعدم العدل – فيؤدي ذلك إلى أن يبحث هؤلاء – البؤساء – عن وسيلة ينتقمون بها من مجتمع الأغنياء والحكام . ولذ ا .. يجدون – داعشَ – وأمثالها وسيلة لتحقيق الذات ، والانتقام من الطواغيث والحيتان . والدليل على أن – خَلَل – النظام الاقتصادي هذا .. يكتوي بناره كثير من البشر ، في الشرق والغرب – أن الإحصائيات تقول بأن ستة آلاف شاب (6000) قد التحقوا – بداعش – من الغرب الأوروبي ... ولن يلتحق هؤلاء – بداعش – لو كانوا يجدون حدّ الكفاية ، ويشعرون بالعدل .

- ولن يذهب الإرهاب ويضمحلّ – إلا إذا تغير هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي الجائر ، أو تعدّل – بأن يأخذ حسنات النظام الزكويّ الإسلام – وحسنات النظام الاشتراكي – وحسناتهِ هو ، بحيث تصبح الثروة وإنّ-95% - من البشر يملكون – 80% - من الثروة – تقريباً ، و-5%- لا يملكون أكثر من عشرين بالمئة ، حتى يُضحى المال " دُولةً " بين جميع البشر ( وليس بين حفنة من الأغنياء ) – كما قال تعالى في تداول المال: ( ما أفاءَ اللهُ على رسولهِ من أهلِ القرى .. فللّهِ وللرسول ، ولذي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل " كي لا يكون دُولةً بين الأغنياء منكم " – الحشر -7- وهذا .. يعني أن تحوّل المال إلى دُولة بين الأغنياء – كما هو قائم ، الآن – حرام كَحُرمة الربا ، والاحتكار . والاحتكارُ وَجهٌ آخر من وجوه الربا . لأن الربا هو : بيع السلع – حاضراً أم نسيئةً – يضعف قيمته فأكثر – لا فرقَ بين البيع الحاضر ، والبيع لأجل – وتعريف الربا الوحيد – في القرآن هو :( ولا تأكلوا الربا – أضعافاً مضاعفةً -) – ولا نعرف سوى ذلك التعريف– والقرآن .. لم يحدد الربا بمضاعفة النسيئة فقط، بل مضاعفة الربح ، بشكل مطلق . وما ورد منسوباً إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من تحريم لأنواع من التعامل المالي ، على أنه رباً .. لا يصحّ منه شيء – كما حققتُهُ . ( لي كتاب – عن الربا – تحت الإنجاز ، وارد فيه تفصيل كل ذلك ).

- وبدون – تغيير – النظام الاقتصاديّ ، على النحْو الذي أسلفت .. فلن يُقضى على الأرهاب ، عن طريق القوة العسكرية العالمية ، لأنه قد لا يعود – شبْهَ دولة – كداعش – أو يكون بؤراً تتكوّن ، ويجري تَواصلُ بينها – تُفرّخُ في كل دولة ، أوفي معظم الدول. الاقتصاد.. هذا هو السبب الأول.

- والسبب الثاني الضخم هو : الظلم وعدم العدل . فالدول الكبرى – مثلاً – تتحدث دائماً ، في مبرر أستعمارها للدول الأخرى ، أو اتخاذها مناطق نفوذ بأنّ مصالحها تقتضي ذلك!!، وهذا كلام ضذّ العدل .لأن الأصل العادل الذي يمكن أن يتحرك على أساسه الدول.. يجب أن يكون " الحقوق" . لأن المصالح .. والمصالح- منها العادل ، وأكثرها الجائر الظالم . وأحدثُ مثال على ذلك – حربُ الدبّ الروسي التي شنّهاعلى الشعب السوري ، ليقتله بحمم الطائرات.. يقتل الأطفال والنساء والرجال ، باتباع نهج الأرض المحروقة – من أجل بشار الأسد !! -الذي يعرفون أنه دكتاتور طاغية لا يرحم – مثلُهم – بل اتخذوه ذريعة ً لتصبح – سورية – ثم العراق – منطقتيْ نفوذ – لهم.. لروسيا!!- فأين العدل في ذلك؟ أين العدل بأن يُعتدى على شعب يناضل من أجل نَيْل حقوقه، في الحرية والكرامة والعدالة؟ أين العدل في الوقوف مع دكتاتور طاغية – دمّر الشعب والشجر والحجر ؟! هذا شأن الدول الكبرى..

- أما الدول التي تأتي دون الدول الكبرى ، حتى التي عدد سكانها أقلّ من مليون .. فلا عدل فيها كذلك : الحكم ُفيها يتبنّى فئات تناصره ، وتُسبّح بحمده ، وتُقرهُ على الصواب والخطأ ، ولكن الحكم في هذه الدول الصغيرة- يتنكر لكل الأحرار الشرفاء الذين يريدون أن يسود الحق والعدل ، والمساواة والإنصاف ، والحرية –المنضبطة – في كل شيء . وهؤلاء الشرفاء الذين – لو أعْطوا الفرص ، وضُمّوا الى رجال الدولة – هم الذين تتطور البلاد على أيديهم , وتسود المبادئ الإنسانية السابقة. وبإقصائهم وعدم إشراكهم ، بل وبمحاربتهم ، أحياناً ، والتعتيم عليهم , كثيراً– ظلت بلاد العالم الثالث متخلفة – تستورد كلّ – التكنولوجيا – من الدول المتقدمة ، بل تعتمد على المعونات والقروض من الدول الكبرى ومن الدول البترولية !! بغير هذا العدل هنا وهنا في الدول الكبرى – وفي الدول التي دونها .. سيظل كثير من البشر يشعرون – بالظلم والجوع والتشرد– حتى يستبطن هذه الأوجاع الثلاثة.. أجسامهم وعقولهم وأرواحهم . فإذا كان بعضهم يستكين – فبعضهم ، وإن كانوا القلة ، ينكرون ، ويكرهون ، ويحقدون , وتُشحن نفوسهم بالثورة فيحاولون أن ينتقموا.. وإحدى الوسائل الجنونية أن يكونوا – بؤراً – هنا ، وهناك – حاقدة متطرفة ، تشنّ هجماتها ، كلما سنح لها المجال .

- إذنْ ..أمران .. لا بدّ من أن يتغيرّا – وإلاّ لن يَمُوتَ الإرهاب ، ولن يُقضَى عليه : – سبقا ,هما: تغيير النظام الاقتصادي الرأسمالي الجائر-إلى نظام إنساني – ورفع الظلم من الدول الكبرى عن الدول الصغرى – ومعاملة الدولة الصغرى كلّ مواطنيها – بالعدل والمساواة ، والأنصاف . والله تعالى المستعان .

25/11/2015م
13/2/1437هج