حزنتُ عليكَ أكثر يا بلدي!!
د. موسى برهومة
03-12-2015 05:01 AM
أقيمُ في دبي مع ولديّ عودة وعمرو. الأول يدرس في الجامعة الأمريكية، والثاني في الصفّ العاشر، وهو مطلّع روحي. آخر أفلامه أنه أضاع بطاقة الهويّة الإماراتيّة التي طلبتها مدرسته لتوثيق بياناته، إلكترونياً، في وزارة التربية والتعليم. طبعاً هذا الأمر أطار عقلي، فرُحنا نحن الثلاثة نفتّش الخزائن والملابس والجوارب وأكياس الزبالة، وكلَّ مكان محتمل، ولكن من دون جدوى.
وفي أثناء ذلك ظللت أصيحُ وأرغي وأزبدُ وأكادُ أنجلط وأنا أسأل ابني: نفسي أعرف كيف ضيّعت الهوية.. في حدا بضيّع هويته يا الله.. كيف هوية بتضيع يا ناس..؟!!!
كان غضبي بلا حدود، لأنّ ضياع بطاقة الهوية في ذهني وذاكرة خبرتي الأردنيّة، يعني الوقوف على حافة الهاوية: يجب أن تنشر إعلاناً في الصحيفة الرسمية، وتراجع المخفر، وتخضع للتحقيق، ربما. ثم بعد ذلك تبدأ رحلة المراجعات وتقديم البيانات والأخذ والرد والمطاردة حتى يقتنع المسؤول أنك لم تبعْ بطاقة الهوية لإسرائيل!
بقيتُ طوال الليل أهجس بهذه السيناريوهات البغيضة. ولما طلع الصباح توجّهت إلى مدرسة ابني في منطقة البرشاء، ومعي جواز سفره، وصورة عن الهوية المفقودة. المدرسة رفضت الصورة، وطلبت الهوية الأصلية، فثارت ثائرتي من جديد، فإذا بسيدة إماراتيّة تطلب مني أن أهدأ، لأن استخراج بطاقة جديدة أسهل مما أتوقع. ودلّتني إلى مكتب للأحوال المدنية مجاور للمدرسة، فيممّت على الفور شطره، وقطعت بطاقة الدوْر والانتظار، وتسلّلت إلى ردهة فسيحة فيها قهوة سادة وتمر، ثم توجّهت إلى موظف هشّ لي وبشّ، وأخذ البيانات من جواز السفر، ثم طلب مني دفع الرسوم والانتظار ساعة. فسألته ساعة لماذا. أجابني حتى نستخرج لك بطاقة جديدة.
عدتُ إلى قاعة الانتظار والدّهشة تكاد تعقد لساني. وما هي إلا ربع ساعة أو أقلّ قليلاً حتى كانت بطاقة الهويّة الجديدة في حوزتي..
فرحتُ كثيراً.. وحزنتُ عليكَ أكثر يا بلدي!!