أمنا الأرض كانت عروس مؤتمر المناخ في باريس . مائة وخمسون رئيس دولة وحكومة اجتمعوا ليبحثوا القتل البطيء الذي يمارسه الإنسان ضد المناخ وبالتالي ضد نفسه .إلا ان ما عقد من لقاءات على هامش المؤتمر أهم بكثير من الموضوع الرئيسي الذي عقد من أجله .فالدول الكبرى منشغلة الآن باقتسام مناطق النفوذ في العالم تحت لافتة مواجهة «الإرهاب» المسمى الآن «داعش» . ولكل داعشه سواء كان الاسم»النصرة» او»جند الشام» او غيرهما من مسميات لاسم واحد هو «القاعدة».
التي ما زال سرها في بئر مَنْ خطط لتنفيذ هجمات 11ايلول سبتمبر 2001 واوعز للموظفين والعمال وأصحاب الشركات اليهود الا يذهبوا الى مكاتبهم وأماكن عملهم في ذاك اليوم، ومَن أغلق التحقيقات في التفجيرات التي يدور حولها الف علامة استفهام، وتلاها الزلزال الذي بدأ من العراق ولا تزال تتعرض له امتنا العربية في سوريا وليبيا واليمن وتهز تردداته بقية الدول العربية .
فقد بدأ التاريخ نقطة تحول مظلمة في 11ايلول سبتمبر، لكأن ذاك اليوم ميلاد جديد لقوى الشيطان الذي تحدى الرب بأن يغوي البشر الا عباده الصالحين.كان العالم مهيئاً لمرحلة الخراب الجديدة بعد ان تارجح على قرن واحد بانكسار القرن السوفييتي ليبقى القرن الاميركي الذي يعشعش فيه اتباع الشيطان وممثلوه الصهاينة .لقد تم استغلال الدين الاسلامي ليكون عدو الغرب كبديل للاتحاد السوفييتي .وفصلوا له اسماء وأوجدوا شخوصا منهم من استغلوا وازعهم الديني ومنهم من دربوهم على دور العملاء ليكونوا شياطين بارادتهم فالبسوهم العمامات والدشاديش القصيرة واللحى الطويلة لينشروا الظلام و يشوهوا الدين الذي ما كان يوما الا دين تسامح واقناع بالتي هي احسن لا بجز الاعناق وسبي النساء وحرق الاسرى .
ثمة تساؤل غير بريء: لو كان الهدف اسقاط الانظمة لا احتلال وتدمير الدول وتقسيمها واقتسامها، هل يحتاج اسقاط نظام الى كل ما يجري؟ ألم تكن الانقلابات في العراق وسوريا بالذات لا تحتاج الا لثلاث دبابات تقصف القصر الجمهوري ورابعة تحتل الاذاعة واعلان «البيان رقم «1». كان السوريون يتندرون عن كثرة الانقلابات بقولهم ان صديقا عزم صديقه على فنجان قهوة، وبعدما جلس الصديق اعتذر من صديقه قائلا : اسمح لي عشر دقائق . احتد صديق فقال له الاخر : لن اتأخر سأجري انقلابا وأعود قبل أن تبرد القهوة!.
العرب غائبون مغيبون عن حياتهم ومستقبلهم، تراهم سكارى وما هم بسكارى . اعلامهم قاصر او ضالع في المؤامرة . ويكفيك ان تظهر حسناء نصف عارية ترتدي فستان سهرة مخمليا ازرق داكنا، تبتسم، تحرك شعرها فينداح عن جانبها الأيسر تقرأ الأخبار، يتناثر الدم العربي من الشاشة وهي...تبتسم!.
في قمة باريس كان الخلاف على اشده على سوريا واقتسامها حيث اختلطت مصالح القيصر الروسي مع السلطان العثماني مع الغرب الاستعماري واميركا المدمرة، فيما الشعب السوري مشتت بين لاجىء ونازح، وجائع وخائف، و..بين ميت ومنتظر الموت في اية لحظة، فلم تعد جنسية القذيفة التي ستقتله ذات بال؛ أكانت اميركية أم روسية أم فرنسية .
أمنا الارض ومناخها فلكل سهمه الذي يمزق فيه ثوبها الاخضر ويصبغ هواءها بالاسود، فارتفاع درجة حرارتها يسير باتجاه ثلاث درجات علما ان مستوى درجتين من شأنه ان يؤدي الى اعاصير بشكل متكرر ويضر الانتاج الزراعي ويرفع مستوى مياه البحر لتغمر مناطق مثل: نيويورك وهولندا وبومباي . والمسؤولون عن هذا الدمار المتوقع هم الدول الصناعية الغنية الكبرى التي بات الانسان بالنسبة لها مجرد وحش استهلاكي تلقمه انتاجها من غذاء غير صحي وثياب لا تليق بالفقراء و..أسلحة يقتل بها نفسه .
المفارقة ان من اجتمعوا لانقاذ الأرض هم انفسهم الذين يغرقونها بالدم ويحرقون فيها الاخضر واليابس والذي لم يُزرع بعد والأرجح لن يزرع لمائة عام مقبلة!. (الدستور)