قدم الرئيس الفرنسي خطابا عظيما أول من أمس تحدث فيه عن الحياة , عن قيم الجمهورية تحدث عن الموسيقى والفرح , تحدث عن القتلة الذين أرادوا إختطاف الدين ..وأكد أن فرنسا لن تهزم ...أكد أيضا أن إصرار الفرنسيين على الحياة وعلى الفرح سيبقى ويزيد...وظل يكرر في خطابه جملة (قيم الجمهورية ) ...
حسنا سيدي الرئيس (أولاند) ...ما أصاب فرنسا هو جريمة بشعة , ودنيئة وهؤلاء الناس ..وحوش وذئاب , لم يشوهوا حياة البشر فقط , بل حرفوا الدين واختطفوه وقتلوا الورد والحياة ...لكن سؤالي سيدي الرئيس هو اين كانت قيم الجمهورية حين إنهالت القذائف على (سراييفو) في بداية التسعينيات , حين حوصرت من الصرب وكل اشكال الجريمة مورست فيها ...يومها صمتت أوروبا أمام المشهد , والقتلة تم إحضارهم ببدلات فارهة وربطات عنق إيطالية , إلى المحكمة الجنائية ..وسمح لهم بالظهور على الإعلام , وسمح للصرب بأن يرفعوا صورهم وينظرون لهم من زاوية الأبطال ..
اين قيم الجمهورية , حين قامت قوة من المارينز بأسر (صدام حسين) , وتسامح العالم ...مع المحكمة , وسمحوا لها بأن تحاكمه في قاعدة أمريكية ...لماذا يحاكم القتلة الصرب في لاهاي ..وببدلات فارهة , ويترافعون عن أنفسهم ويحصلون على كامل الإحترام ....بالمقابل يعدم رئيس عربي , على وقع هتافات طائفية , وصمت عالمي مخجل ...لماذا لم تتحرك تلك القيم , وتحضر صدام حسين لمحكمة العدل الدولية في لاهاي , مثله مثل قادة الصرب ؟
اين هي القيم , التي تفضح دور التحالف في ليبيا ..وتظهر بعض التقارير التي تؤكد أن طائرات أوروبية , وأخرى أمريكية ..رصدت مكان القذافي , ودلت الثوار عليه ..ويسمح الإعلام , للمحطات بأن تنشر صوره ...وهو عار تماما , ويتم التمثيل في الجثة ...لا بل يحدث ما هو أبشع , ويصل الأمر لعرض جسده ..وهو ميت في مدينة ليبية , ويتقاطر الأطفال والناس لرؤية الزعيم ..جثة هامدة , تعرضت لأبشع أنواع التعذيب ....اين تلك القيم ؟ ..ولماذا لم يتم إرساله إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ..ويحاكم , أم أن قادة الصرب لأنهم من قلب أوروبا ..يحظون بإحترام هائل ..بالمقابل قادة العرب , إما يأسرون ..أو يذبحون , أو يتم إظهارصور تؤكد تعرضهم لهتك العرض ..هل هذه هي قيم أوروبا السمحة ؟...
سيدي الرئيس (أولاند) ...وعرفات الذي مات لديكم في مشفى فرنسي , ولا نعرف كيف مات ...ولكن قبل رحيله , حوصر في مقر إقامته , قطعوا عنه الكهرباء ..والماء وأرادوا تصفيته , ونقضوا كل الإتفاقيات ...ثم سمحوا له بالرحيل الأخير كي يلقى وجه ربه , وعرفات كان يستقبله ( ميتران) في قصر الإليزيه , وفجأة يصبح محاصرا ...بلا حول ولا قوة ....أين قيم الجمهورية , التي لم تعطنا للان سببا لوفاة عرفات ...هل القادة العرب , يقتلون ويحاكمون ويحاصرون ..بأبشع الطرق ...بالمقابل قادة الصرب , يحظون بعطف أوروبا ..وإنسانيتها ويأخذون للمحاكمات على خجل ...أين قيم الجمهورية أين هي ؟ ..
والان هل المطلوب من بشار الأسد أن يلقى مصير القذافي أو صدام أو أن يحاصر في قصره ..ويقتل من قبل النصرة أو جيش الشام ...هل هذا ما تريده القيم , وما تتطلبه اللحظة الأوروبية الراهنة ...
منذ (60) عاما وأوروبا تعتذر لإسرائيل عن المحرقة(الهولوكست), لا بل تتوسلها ..وتدفع لها وتحني جبهتها لقادة إسرائيل ..ونحن لدينا ألف محرقة فداعش لم تترك طفلا عراقيا في شأنه , قطعت الرؤوس ..وحرقت , وسوريا الموت فيها بالمجان وتطور إلى ما هو أبعد من الحرق ..فالناس هناك صارت تدفن وهي أحياء بفعل سلوك عصابات الإجرام ...وليبيا , يشرق الدم فيها أحمر قانيا ..مثل وهج الشمس حين تطلع على بنغازي ...ومصر الحائرة , جنودها صاروا هدفا ...وذبحهم واجبا شرعيا , وهناك شيوخ اصدروا فتاوى تجيز ذلك ...لكن أحدا لا يعتذر عن دمنا ..ولا يعتذر لنا ...بالمقابل إسرائيل يعتذرون لها , حتى إن قتلتنا يعتذرون ..
أنتم سيدي الرئيس في كل خطاب ومنذ أو توليتم رئاسة فرنسا , تتحدثون فقط عن الحفاظ على قيم الجمهورية ...ماذا عن دمنا , ماذا عن رؤسائنا ..ماذا عن حياتنا ماذا عن فرحنا ...أم أننا خارج هذه القيم ...تقتلني الأسئلة , تذبحني ...ولا أعرف كيف أكمل...ولكن الدم العربي النازف في كل شبر يكمل مقالي ...وعاشت القيم
الراي