هلوسات التقسيم والقوى الكبرى!
طارق مصاروة
30-11-2015 02:40 AM
وقع رجب طيب أردوغان في عش الدبابير الروسي رغم التحذيرات الاميركية وخاصة رفضها اقامة منطقة عازلة على جزء من حدودها مع سوريا تبدأ من جبال الأكراد، ومواطن التركمان المحاذية لريف اللاذقية الى عين العرب.
.. الآن، بعد أن قام باسقاط الطائرة الروسية فرض منع الطيران فوق المنطقة العازلة، وقع في الشرك الروسي.. وهو ذاته الشرك الذي وقع فيه حكام أوكرانيا حين تصوروا انهم اوروبيون،، وان اوروبا لن تتركهم في اشداق الدب الروسي. فأميركا او الحلف الاطلسي لا يمكن ان تدخل حربا من اجل اوكرانيا او تركيا، خاصة وان قادتها «لا يسمعون الكلمة». ويغامرون اعتمادا على تحالفات قديمة كالتحالف الاطلسي، او على ان هناك كاثوليك في مواجهة الارثوذكس.
لم تعد اعتذارات اردوغان الملتوية ترضي بوتين. وكما يبدو فان اقتراح اللقاء في باريس «لاصلاح الخطأ» غير وارد لأن الروس اتخذوا قرارات العقوبة الاقتصادية الى جانب ضرب «اقرباء» اردوغان من التركمان.. فالمنطقة العازلة الآن في شمال غرب سوريا هي منطقة روسية تحميها القاذفات المواجهة «لانجرليك» وصواريخ S400 ومداها يصل الى اسطنبول وجنوب سوريا، وقوات على الأرض قادرة على حماية اللاذقية وريفها.
والازمة في سوريا او العراق هي صراع القوى الغلاّبة الاميركية والروسية. ولذلك فعلى القوى الاقليمية – تركيا وايران واسرائيل والسعودية – ان تلعب ضمن الخطوط الحمر التي يرسمها الكبيران. ولذلك فان الوجود الاميركي يحد اولا من حركة حلفائه في الاقليم، والوجود الروسي يحد من حجم ايران اذا كانت سوريا على الطاولة. ولعلنا هنا نفهم طبيعة الوضع في العراق حيث لا وجود لروسيا وانما هناك اميركا وايران.
الذين يحبون استحضار تقسيمات المنطقة القديمة سايكس – بيكو، او استقطاع الاسكندرون، واستقطاع امارة المحمرة لارضاء انقرة عن التحالف مع المانيا، وارضاء الشاه للتحالف مع روسيا. والاستقطاعان كانا بالضبط عام 1938 اي قبل الحرب العالمية الثانية.
..الذين يحبون استحضار هذه التقسيمات يتحدثون عن الآن عن اقتسام سوريا والعراق، فتكون العراق لأميركا وسوريا لروسيا.. وهذا كلام عجائز. فالعراق تمزّق الى حد لا يغري أحداً بالهيمنة عليه، وسوريا دُمرت الى حد ان أحداً ليس مستعداً للعناية ببلد في حجرة الانعاش.
التاريخ لا يعود الى ما كان عليه. لكن الظروف هي القابلة للتشابه.
الراي