سياسة الحكومة مالية أم اقتصادية؟
د. فهد الفانك
30-11-2015 02:40 AM
خلال زيارة اللجنة المالية لمجلس النواب للبنك المركزي مؤخراً ، انتقد رئيس اللجنة المهندس يوسف القرنة الحكومة قائلاً: «إن سياستها ليست اقتصادية بل مالية ، وهي تعتمد على الجباية ، خصوصاً في السنوات 2013-2015».
الجباية تهمة توجه عادة إلى الحكومة لاسترضاء الشركات والمواطن دافع الضريبة ، ولكنها لا تمثل موقفاً اقتصادياً بناءً ، ذلك أن تخفيض الجباية (أي الضرائب) تعني زيادة العجز في الموازنة والحاجة للمزيد من الاقتراض مما يفاقم المديونية.
حتى بعد الجباية المزعومة ، فإن عجز الموازنة الأردنية ما زال فادحاً ، والمديونية في تصاعد ينذر بالخطر ، مما يضع الحكومة أمام أمرين ، فإما أن تبحث عن موارد محلية أكثر أي المزيد من الجباية ، أو أن تقلل خدماتها في مجالات التعليم والصحة والأمن الداخلي والخارجي ودعم الخبز والأعلاف وتخفيض أو تجميد الرواتب.
المواقف الشعبوية لا تخدم السياسة المالية ولا الاقتصادية ، فنحن بحاجة لأن نذكّر الناس بالحقائق المرّة والواجب الوطني ، وليس طرح مواقف ترضيهم مؤقتاً وتؤذيهم واقعياً.
تقول الدراسات المقارنة أن معدلات الضريبة في الأردن تقل عن المعدلات السائدة في البلدان المماثلة للأردن في تطورها الاقتصادي ، ومما يؤكد ذلك أن الحكومة تعتمد على المنح الخارجية لغاية 15% من نفقاتها الجارية والرأسمالية ، فهل يرى رئيس اللجنة المالية أن تمويل نفقات الحكومة الأردنية وسد العجز في موازنتها يجب أن يقع على كاهل دافعي الضرائب في البلدان الصديقة والشقيقة؟.
هذا لا يعني أن كاتب هذا التعليق يعشق الضرائب ويحب أن يدفع المزيد منها ، ولكنه يفكر بالبديل ، وهو زيادة الاعتماد على الدول المانحة (أي التضحية بالاستقلال والاكتفاء الذاتي) والتوغل في المزيد من المديونية التي تجاوزت الخطوط الحمراء ونصوص القانون ، علماً بأن محاولات ضغط النفقات الجارية في الموازنة العامة استنفدت إمكانياتها.
الجاري عملياً هو عكس ما يقول به رئيس اللجنة المالية ، فسياسة الحكومة اقتصادية بدليل تركيزها ، ولو بقدر محدود من النجاح ، على النمو والحوافز وجذب الاستثمارات ، وليست سياسة مالية بدليل أن الوضع المالي كان وما يزال نقطة الضعف الرئيسية في الاقتصاد الأردني.
يلزمنا المزيد من السياسة المالية المتشددة للتخلص من العجز وضبط المديونية ، وعلينا أن نفهم أن السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية تتكامل ولا تتنافس.
الراي