هل شعبنا سياحي أم سياسي فقط؟
فايز الفايز
29-11-2015 02:36 AM
من المزعج كم الآراء والتعليقات التي تثور أمواجها داخل الأردن كلما وقع في الإقليم والعالم حدث جلل أو قضية ما وليس للأردن والشعب وطبعا الحكومة أي علاقة ولا مصلحة فيها، بينما لا نلتفت لما فيه مصلحتنا، ولكن هو طبع تطبّع عليه شارعنا الأردني للتنطح في أي قضية لا علاقة للمجتمع بها والإصطفاف مع وضد،والإنشغال كثيرا في نقاشات لا تعود للوطن ولا للناس بأي فائدة،ولعل آخرها حادثة إسقاط المقاتلة الروسيةعلى يد الدفاعات التركية،فيما العلاقة بين تركيا وروسيا مبنية على أسس مصلحية يبدأ صفرها الاقتصادي بخمسة وعشرين مليار دولار ولا تنتهي لحدود التنافس الشرس للسيطرة على العالم العربي الجديد المتشكل في سوريا والعراق.
من اللافت للنظر فيما يتعلق بروسيا من باب المصلحة الأردنية هو الخبر الذي كشفه رئيس سلطة العقبة الإقتصادية هاني الملقي والمتعلق بقرب وصول طائرات سياحية روسية تحمل آلاف السائحين للعقبة للتمتع بأجواء البحر الأحمر،ورغم أن العقبة لن تكون بديلا وازناً لشرم الشيخ المصرية وشقيقاتها، ولكنها الأقدار التي تجلب المنافع لجهة وتمنعها عن غيرها، وإن صدقت التوقعات فستنقلب موازين القطاع السياحي نحو الأفضل، رغم سخافة التعليقات التي تتبع كل خبر مبشر بنافذة فرج للوضع الاقتصادي، لنجدها تنقلب لنكات عن الشعر الأشقر والعيون الزرقاء.
روسيا ومنذ سنوات طويلة تصّدر للعالم العربي،خصوصا مصر،الملايين من السائحين سنويا،فضلا عن دبي مع فارق النوعية،وهؤلاء ينفقون الملايين للاستمتاع بأشعة الشمس على الشواطىء،وبعد حادثة الطائرة الروسية القادمة من شرم الشيخ، أقفلت موسكو خطوطها السياحية مع مصر، وكذلك فعل البريطانيون وكل أولئك السائحين يمثلون روافد مهمة للاقتصاد، وكذلك للترويج السياحي،ولعل لبنان التي تعاني من مشاكلها الأمنية والسياسية هي الأخرى، باتت جهة غير مرغوب فيها لجلب السياحة الخارجية، فيما بقية الدول العربية المشمسة شتاء تعاني أيضا من عجز سياحي نتيجة الأوضاع الأمنية المتردية والصراعات والحروب.
وحدها الأردن هي الجهة الآمنة جغرافياً واجتماعياً وأمنيّاً،وهي الوحيدة القادرة على استغلال الفرصة الثمينة لاستقطاب ملايين السائحين الذين يرغبون في الشواطىء الدافئة والمناطق العربية، ومن الضروري جدا أن يبدأ الأردن حكومة وشعبا بالعمل على تفعيل هذه الخاصية النائمة لدينا، فلا يكفي جهود وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة للترويج للأردن كوجهة سياحية في أوروبا والأميركيتين، في ظل معوقات ضريبية وتشغيلية، واكتفاء المالية بإحصاء العوائد المالية نهاية العام، فيما الجانب الاجتماعي معدوم الثقافة السياحية، التي عمادها الترحاب وتقديم الخدمة بأجور معقولة وتسهيل تحرك الأفواج السياحية في مختلف مناطق المملكة.
إذا كنا نريد أن تعود السياحة لعزها في بلدنا علينا ان نتطور نحو الأفضل ونصبح شعبا سياحياً مبهجاً لا منفراً،وعلينا أن نخبر الجميع أن قطاع السياحة يرفد ما معدله 14 بالمائة من ناتجنا المحلي،ويشغّل الآلاف من الأيدي العاملة،ويحرك عجلة الموارد لمئات الفنادق والمطاعم التي باتت خاوية أو على وشك الإفلاس ومنها من أغلق خصوصا في الجنوب كالبترا،وعلينا أن نرّوج للمفاهيم السياحية وأهمية إبراز الجانب الراقي لمجتمعنا بين شبابنا وفي المدارس والجامعات والمؤسسات،وأهمية أن نغير من سلوكياتنا ونتحضّر أكثر، وأن لا ننظر الى السائح والزائر على أنه «صيد ثمين» للبعض،ما ينعكس سلباً على الصورة العامة للوطن ومجتمعنا الكريم.
يجب علينا أن نفهم أن زمن المساعدات والمنح الشقيقة والصديقة قد ولى، فالجميع أصبح «أشطّرمنّا»والجميع له مشاكله،وعلينا أن نستغل طاقاتنا للانشغال بالعمل والإنتاج لا بالكلام الفارغ والنقاشات المفلسة،فالشباب الأردني يغوص في طين البطالة والحاجة والعائلات في أقسى ظروف الفقر، وعلى الحكومة أن تسعى بجهودها وموظفيها ووزارئها وسفرائها في الخارج للترويج للأردن سياحيا واستثماريا، وأن لا نعتمد على الاستكشاف عن بعد، بل باستغلال أفواج السائحين لتخصيص مرافقين معهم يشرحون لهم البيئة الآمنة في الأردن، والتواصل معهم عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية، ووضع قاعدة بيانات للسائحين للتواصل معهم والإستفادة منهم للترويج السياسي أيضا لتشكيل رأي عام خارجي داعم للأردن.
Royal430@hotmail.com