منذ أن بدأت إدراك التاريخ واسم وصفي التل يرن بنغم رجولي فريد في أذني، لم أكن أعلم من هو ذاك الرجل الذي ابكى غيابه أحرار الرجال، ولم أكن أعي حجم الفقدان الذي يتحدث عنه الأوفياء للوطن منذ غاب دولة الرئيس وصفي التل.
لست مؤهلة أن أتحدث عن وصفي، لكني أمتلك الوطنية الكافية لأكون وفية لرجالات الوطن، فهم كانوا رجالا بحق ولم يكونوا موظفي دولة.
44 عاما منذ ذاك التاريخ الأسود الذي غيب وصفي التل عن وطنه، وصفي غاب رجلا صامدا واقفا وفيا لوطنه ولمليكه، بدأت ابحث عن شخصية وصفي التل منذ ذاك الحين الذي بدأت اقرأ به مذكرات الملك الغالي الاب الحسين بن طلال تحديدا في "مهنتي كملك"، خرجت من الكتاب إلى الف صفحة الكترونية تتحدث عن وصفي التل الذي يرقد جسده بسلام على عتبات السلط الابية، وأنا أقف على عتبات وصفي، الرجل الذي اخبروه بأن اغتياله بات يحاك وغدا قريبا ليقول وبكل قوة (ما حدا بموت ناقص عمر والأعمار بيد الله).
وصفي يجب أن يكون منهاجا دراسيا لطلبة المدارس والجامعات،ونموذجا للسياسة وذخيرة لسلاح الجنود ونصبا للوفاء، أكتب عنه وانا لم أعرفه أو اعش تلك الفترة الذهبية بحضوره حيا، إلا أنني عرفته من الحسين الباني، وقرأته فوق تراب الوطن وفي عيون الجنود،
وصفي مازال هنا، يحيي ذكراه الآلاف ممن عرفوه ولم يعرفوه، كثيرون يرددون أغنيات وصفي وكلمات وصفي ويرفعون الاكف إلى السماء دعاء لوصفي ويسمون أبنائهم باسم وصفي، ويتحدثون عن الرجولة فيذكرون وصفي وعن الوفاء أيضا ينطقون وصفي وعن الحسين الباني يشاركون ذكراه بوصفي، وعند الحديث عن الوطن سيبقى يذكر وصفي.
من منا بلا وصفي في داخل كل حر فينا وصفي، وفي هدب شماغ العسكر وصفي، و عقال الرأس وصفي، وفي العز وصفي وفي ذكرى معاذ الكساسبة ايضا وصفي، وفي كل فخر سيبقى وصفي، وفي الأزمات يعيش وصفي ليوحد القلوب خلف العلم ويهتف الأحرار وان غاب وصفي سيحيا الوطن.