موسكو تستبعد الخيار العسكري ضد انقرة وتسعى الى الرد اقتصاديا
26-11-2015 07:03 PM
عمون - بعد يومين من اسقاط تركيا مقاتلة روسية على الحدود السورية، اعلنت موسكو الخميس انها تستعد لاتخاذ تدابير اقتصادية ضد انقرة التي تشكك روسيا في مصداقيتها حيال مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.
ومنذ تلك الحادثة، الاكثر خطورة لموسكو منذ بداية تدخلها العسكري في سوريا في 30 ايلول/سبتمبر، استبعد زعيما البلدين اي تصعيد عسكري في المنطقة.
لكن السلطات الروسية، المستاءة من مقتل اثنين من جنودها، احد الطيارين وجندي من القوات الخاصة خلال المشاركة في عملية انقاذ، قررت الرد تجاريا رغم العلاقات الاقتصادية الوثيقة التي نشأت بين البلدين في السنوات الاخيرة.
وفي هذا السياق، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاربعاء ان روسيا "لن تعلن الحرب" على تركيا، لكنها "ستجري اعادة تقييم جدية" للعلاقات الروسية-التركية بعد ما اعتبر اسقاط الطائرة "استفزازا متعمدا".
بدوره، اشار وزير الزراعة الروسي الكسندر تشاكيف الخميس الى "انتهاكات متكررة للمعايير" الصحية، معلنا تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية والغذائية المستوردة من تركيا.
وفي هذا الاطار، اعلنت وكالة حماية المستهلكين انها اوقفت عملية بيع 800 كلغ من المنتجات التي قد تكون خطيرة.
-مئات ملايين الدولارات-
منذ سنوات عدة، تطبق روسيا قيودا تجارية بطريقة منهجية، غالبا لاسباب صحية، وفقا لمواقعها الجيوسياسية، من جورجيا الى اوكرانيا او دول الاتحاد الاوروبي.
ومنذ صيف العام 2014، تفرض روسيا حظرا على معظم المنتجات الغذائية من الدول الغربية التي فرضت عليها عقوبات بسبب اتهامها بالتورط في الازمة الاوكرانية، ما يؤثر بشدة على المزارعين الاوروبيين.
وتجاوزت الواردات التركية الى روسيا ثلاثة مليارات دولار خلال الارباع الثلاثة الاولى من العام الحالي، ضمنها 280 مليون دولار للطماطم.
وبمعزل عن المواد الغذائية، تشير الصحافة الروسية الى ان الجمارك تعاين بدقة جميع البضائع التي تصل من تركيا، ما يسبب تأخيرا وعراقيل.
على صعيد آخر، طلبت موسكو من مواطنيها الثلاثاء عدم السفر الى تركيا، الوجهة المفضلة للروس، متحدثة عن تهديدات ارهابية، ما يمكن ان يحرم البلد من اكثر من ثلاثة ملايين زائر روسي سنويا.
الى ذلك، طلب وزير الرياضة رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم فيتالي موتكو من الاندية الروسية عدم السفر الى تركيا خارج اطار الاحداث الرسمية.
وذكرت وسائل الاعلام التركية، ان 50 سائحا تركيا اعيدوا من مطار موسكو منذ الثلاثاء رغم الاعفاء من تأشيرة الدخول بين البلدين.
-حرب الأدلة-
بحسب صحيفة يني شفق التركية، فإن الرئيس رجب طيب اردوغان يأمل بلقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة المناخ المرتقبة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر في باريس. لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف اكد انه لم يتم بحث هذه المسألة.
اما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي يسعى الى تشكيل تحالف دولي موسع مع موسكو ضد الجهاديين في اعقاب هجمات باريس، ققد تحادث هاتفيا مع اردوغان الذي دعا الى "تجنب التصعيد".
ومن المقرر ان يلتقي هولاند مساء الخميس في الكرملين الرئيس الروسي، الذي كان رد فعله قاسيا حيال الحادثة واصفا اياها بانها "طعنة في الظهر".
وقبيل اللقاء المرتقب، اعرب بوتين الخميس عن اسفه لعدم تلقي روسيا اي اعتذار من انقرة.
وقال "لم تردنا حتى الان اي اعتذارات واضحة من قادة تركيا ولا عروض للتعويض عن الاذى والضرر، ولا وعود بمعاقبة المجرمين المسؤولين عن جرائمهم".
واضاف بوتين "لدينا الانطباع بان القادة الاتراك يقودون عن وعي العلاقات الروسية التركية الى طريق مسدود".
بدوره، طلب رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف الخميس من حكومته اعداد سلسلة اجراءات اقتصادية في غضون اسبوعين ردا على "العمل العدائي" لتركيا.
والمح من دون الخوض في التفاصيل الى امكان تعليق مشاريع مشتركة وزيادة التعرفات الجمركية وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الاقليمية الروسية. كما قد يتاثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا.
ورد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الخميس على الاتهامات الروسية بتواطؤ تركيا مع الجهاديين، مؤكدا ان التزامها ضد تنظيم الدولة الاسلامية "لا شك فيه".
كما تحدى الرئيس التركي روسيا ان تثبت ان بلاده تشتري النفط من التنظيم الجهادي، قائلا "عار عليكم. ان الذين يتهموننا بشراء النفط من داعش يجب ان يثبتوا اتهاماتهم".
واوضح الرئيس التركي في كلمة القاها امام مسؤولين محليين في القصر الرئاسي في انقرة ان "موقف بلادنا ضد داعش كان واضحا منذ البداية".
واضاف "لا علامة استفهام هنا. ليس لاحد الحق في التشكيك في معركة بلادنا ضد داعش او ان يتهمنا بجرم".
ولتركيا وروسيا مواقف متناقضة جدا بالنسبة للنزاع السوري حيث تطالب انقرة منذ البداية برحيل الرئيس بشار الاسد عن السلطة فيما تشدد موسكو على بقائه في اي تسوية سياسية للنزاع الذي اودى بحياة 250 الف شخص خلال اربع سنوات ونصف.
ونشر الجيش التركي الاربعاء ما قدمه على انه تسجيلات لتحذيرات وجهت الى قائد الطائرة الروسية قبل اسقاطها الثلاثاء على الحدود السورية.
وجاء في احد هذه التسجيلات باللغة الانكليزية تسجيل تكرر للعبارات التالية "هنا سلاح الجو التركي. انتم تقتربون من المجال الجوي التركي. اتجهوا جنوبا فورا".
لكن قنوات التلفزيون الروسي نقلت عمن قالت انه الطيار الذي نجا من حادث الثلاثاء تاكيده انه لم يتلق "اي تحذير" ولا "اي اتصال" من الجيش التركي الذي كان قال انه اصدر عشر تحذيرات في غضون خمس دقائق.(ا ف ب)