المتغيرات الدولية وانعكاساتها
خيري منصور
24-11-2015 01:59 AM
في غياب التكافؤ عن العلاقات الدولية يكون المجال مُتاحا لتحالفات قد لا تكون فاعلة ككتلة عدم الانحياز التي كانت تعبّر رمزيا بالدرجة الاولى عن هاجس الاستقلال لدى دول تشعر بجرح عميق في سيادتها، وتكرر ذلك من خلال المنظمات غير الرسمية التي بلغت ذروتها في مؤتمر دربان بجنوب افريقيا ثم اجهضتها احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 ، حين تبدلت اولويات وتغير اتجاه البوصلة ، بحيث حلّ على هذا الكوكب عدو جديد اسمه الارهاب، لا لون ولا جنس له ولا هوية فقد عبر الحدود والقارات.
واذا ظهر الان ان هناك متغيرات على مستوى الاقليم الذي نعيش فيه فذلك لأنها انعكاسات لمتغيرات دولية، ما دام هناك فاعل ومُنفعل في هذه المعادلة التي اصبحت مقررة علينا بعد الحرب الباردة.
وما يجب التنبيه اليه هو ان ما يظن البعض انه عودة الحرب الباردة ليس سوى نوستالجيا الحنين الى تلك الفترة، التي كان فيها للدول الصغرى تسعيرة سياسية بحيث يتاح لها ان تُناور.
المتغير الدولي الان سببه غربي بامتياز، فأحداث العنف التي هزّت باريس اثارت لدى الولايات المتحدة فوبيا ايلولية، وقرعت اجراسا في كل انحاء اوروبا، لأن احتمال تكرار الاحداث الارهابية ليس مستبعدا، وحسب ما يقول مثل عربي فليس هناك الان من يشعر بأن على رأسه ريشة او حتى خوذة.
وما يبدو من تسارع في ايقاع المتغيرات الدولية قدر تعلّقها بالأزمة السورية قد ينتهي الى مفاجآت، فأصحاب المواقف الراديكالية اصبحوا اكثر مرونة وفي مقدمتهم فرنسا التي بدأت تدرك ان الحرب على الارهاب هي الأولوية، وكان قرار مجلس الأمن بالاجماع الذي يتيح استخدام الاسلحة كلها في هذه الحرب بمثابة تعديل لأجندة أطلسية .
ومن راهنوا على دوام الحال سواء كانوا من مُنتظري الغنائم السياسية او من المتفائلين بربيع ديموقراطي يجدون انفسهم الان في مهب عواصف المتغيرات الدولية، لأنهم في الاساس ليسوا فاعلين، وما يحدد اتجاه البوصلة الدولية ليس شعارات يكررها البعض بشكل ببغاوي فثمة مصالح وأمن قومي له دور البطولة في هذه المسرحية السياسية التي يقودها بطلان او ثلاثة، اما الباقي فهم الكومبارس.
لقد كتبنا في هذه الزاوية قبل عدة شهور ان نهاية هذا العام سوف تقطر ما تكثّف فيه من احداث، وان العام الجديد الذي يتزامن مع مئوية سايكس بيكو لن يكون مجرد عام آخر !!
الدستور