مجرد اسئلة حول مشروع قانون الانتخاب المطروح
المحامي الدكتور هيثم عريفج
23-11-2015 12:13 PM
كان الامل كبيراً بطرح مشروع قانون انتخابي عصري يؤسس لحياة حزبية ديمقراطية، بحيث يتم التركيز والتشجيع من خلاله على جمع الرؤى السياسية و الاقتصادية المتشابهة من خلال زيادة حصة قوائم الوطن تدريجياً والتي يتم الاقتراع عليها على اساس البرنامج الانتخابي لا على اساس القربى والدم. الا ان ما حدث هو العكس تماماً وذلك من خلال الغاء حصص قوائم الوطن نهائياً مما اعادنا للمربع الاول بعد تجربة ناجحة على مستوى الاقتراع على الاقل.
اذ جاءت بعض مبررت الغاء قوائم الوطن من المشروع الجديد بناءاً على عدم دستورية القوائم الحزبية سنداً لنص المادة 67 من الدستور. وهنا نقول وان وقف الدستور في وجه التشريعات الاصلاحية فهناك اليات دستورية لتعديل الدستور وذلك تماشياً مع حزمة الاصلاحات التي ينتهجها الاردن حيث ان نص المادة 67 من الدستور والتي استند له قرار عدم دستورية الانتخاب على اساس القوائم الحزبية هو نص يحتاج الى تعديل لانه يمنع بالنتيجة الانتخاب على اسس حزبية مما يعني تعطيلاً لمسيرة الحياة الحزبية التي نطمح لها وبالتالي تعطيلاً لمسيرة الاصلاح التي جاء مشروع القانون الجديد في سياقها
جاء مشروع القانون الجديد بايجابية وحيدة انه أخرجنا من دائرة الصوت الواحد على ان نتائج قانون الصوت الواحد اطلت علينا من النافذة بطريقة اخرى . اذ كرس هذا القانون العشائرية بمفهومها الضيق العصبي ، لا مفهومها الإيجابي الأخلاقي الذي نفاخر به .
وهنا تثور في الاذهان اسئلة مفصلية تحتاج اجابات شافية . حتى نقتنع بجدوى ما نحن علية مقبلين ، متاكدين اننا في الاتجاه الصحيح في مسيرة الاصلاح المنشود والتي ستقودنا في النهاية الى حياة حزبية ديمقراطية .
اول تلك الاسئلة التي تثور هو ما الذي نسعى ونهدف له والى أين نريد أن نصل من قانون انتخابي على هذا النحو ؟ ومدى الجدية في المضى قدما على طريق الاصلاح والوصول الى حياة سياسية ديمقراطية ؟ . وهل لدينا رؤيا واضحه للمرحله القادمه تمتد لعشرين عام على الاقل ناخذها بعين الاعتبار عند طرح مشروع قانون جديد؟ لماذا لا يتم صياغة قانون يستمر لفتره طويله لا نحتاج إلى تغييره كل أربع اعوام
نحتاج بالفعل الى رؤية واضحه اذ ان ما يحدث اننا نقوم كل مرة بصياغة قانون يتماشى مع ما نريد أن تنتجه الانتخابات. المعضلة أن رؤيتنا تكون قاصرة تدور في فلك أربع اعوام فقط ، لا نحاول ان نمتد الى ما بعد ذلك بنظرنا لذا علينا ان نضع رؤية طويلة الاجل تمتد لسنوات عشرين على اقل تقدير ، نبني على أساسها قانون ثابت يستمر طويلاً .
هل نهدف بالفعل من المشروع المطروح ان نصيغ قانون يؤسس لحياة حزبية ؟ اذا كان هذا هو الهدف فان ما يطرح من المشروع الجديد قد يشجع الاحزاب في دوائر تستند الى الثقل البرامجي او الفكري كما هو الحال في دوائر عمان والزرقاء ، الا انه سيكرس العشائرية في مفهومها الضيق او مفهوم حزب العشيرة في الدوائر الأخرى والتي تمتلك مقاعد يفوق عددها بكثير مقاعد دوائر عمان والزرقاء .
من علامات الاستفهام الاخرى التي تثور: أين يمكن أن نفهم النتائج على اساس النسب المئوية في محافظات تحتوي على مقعدين فقط مثل محافظة جرش ؟ كيف لنا أن نمثل الجميع من خلال مقعدين فقط ؟ اليس من الاجدى ان يكون التمثيل على مستوى الوطن وان كان الحديث عن قوائم مفتوحه فلنتجه الى قوائم مفتوحة على مستوى الوطن .
في النهاية لماذا نشعر بأن الحكومه تكون مرتبكة في كل مرة تطرح بها مشروع قانون جديد للانتخاب ؟ لماذا تاخذ بسرد المبررات التي تصور المشروع المطروح على انه ذروة القوانين الانتخابية في العالم ؟ عند طرح المشروع السابق قبل ثلاثة اعوام صرح رئيس الوزراء انذاك أننا خرجنا من قانون الصوت الواحد واننا امام قانون عصري هو ما نحتاجة ، ثم طالعنا دولة الرئيس بذات التصريح عند طرح المشروع الحالي .
ما نصبوا له بالفعل هو قانون تتوافق الاغلبية عليه ، يؤسس للمستقبل ويمهد الطريق الى حكومات برلمانية وبالنتيجه ديمقراطية تتناسب مع الاردن وخصوصيته ، قانون يشجع الشباب على الانخراط في العمل العام المؤسسي مما سيكون له الاثر الايجابي في بناء اردن المستقبل الذي نطمح.