حتى لا نفقد "وسطية" الرئيس
خالد فخيدة
10-06-2008 03:00 AM
في مرات سابقة أسهبنا في الحديث عن وسطية رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي وقدرته على توظيف العصرنة في خدمة تطوير الاردن ونمائه، من خلال التقريب بين أفكار الليبراليين والمتحفظين عليها خشية من مساسها بثوابت الوطن السياسية والاجتماعية والديمغرافية.
وطبيعي أن يضع المتضررون من هذه الوسطية عصيهم في دواليب هذه الوسطية لإبطال مفعولها، ولكن ما هو غير طبيعي أن يكون في حكومة المهندس الذهبي وزراء يعملون على تغيير مسار حركة الدواليب 180 درجة، بقصد أو دون قصد، باستباحتهم \"لا مركزية الرئيس\" ووضعها في قفص الاتهام.
فمن غير المعقول أن تنسف وزارة السياحة شعبية الحكومة التي ألغت اتفاقية إنشاء كازينو في البحر الميت باستشارة شركة تسويق فرنسية لم تتوان عن تعميق جراح الفلسطينيين بتسويق نكبتهم في ذكراها الثانية والستين، على أنها استقلال لدولة الكيان الصهيوني على الاراضي المغتصبة عام 1948، لتسويق وإنجاح \"مهرجان الاردن\" اكبر مشروع حضاري وتاريخي وطني.
ومهما بررت وزارة السياحة خبر الزميل سلامة الدرعاوي في الزميلة العرب اليوم، فالاستعانة بشركة ترفض إزالة ظلال النكبة التي تعرقل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتهدد أمننا، فبكل تأكيد لن ترشدنا، على الأقل، الى من يحترم سيادتنا ويراعي ثقافتنا ويشاركنا في المحافظة عليها.
وبما أن المواطن الأردني استوعب التداعيات ا لعالمية لارتفاع الأسعار ومضى خلف القائد في رحلة الاعتماد على الذات، فهو لا يطلب من الحكومة سوى الحفاظ على حقوقه وتمكينه مما توفر له من لقمة عيش لاسيما العمال الذين منهم من يتقاضى اقل من الحد الأدنى للأجور ويوقعون على كشف الرواتب على أنهم تقاضوها كاملة لعلمهم المسبق بان \"المستثمر\" في النهاية سيكون الطرف الكسبان وان \" أي نهنهة أو اعتراض\" سيكون مصيرهم الشارع الذي لا يرحم.
ومع التأكيد على أن وزارة العمل ليست صاحبة الصلاحية في رفع الحد الأدنى للأجور إلا أن رقابتها في ظل الراهن لم ترتق الى درجة إلزام أرباب العمل بدفع ما نص عليه القانون في سبيل حماية المواطن من السقوط في هاوية الفقر.
ولان المواطن محور عملية التنمية الشاملة التي تعيشها البلاد وتعترضها الظروف العالمية التي لا يمكن لأحد السيطرة عليها، فان أنينه من وطأة الأسعار يفترض أن تقابله إجراءات وتسهيلات وليس تعقيدات كالذي دفع فاتورة علاج ابنه في مستشفى عام مع أن علاج الأطفال مجاني بأمر من صاحب الولاية جلالة الملك.
في مشهد الرصد للأداء الحكومي تفاصيل صغيرة قد لا تكون ذات أهمية من وجهة نظر الرسمي ولكنها ميزان الشعب في التعبير عن رضاه بأداء الحكومة من عدمه.
مختصر الكلام أن \"وسطية الرئيس الذهبي\" تحتاج الى فريق وزاري مؤمن بهذه المنهجية ويتحرك بالبرنامج الوطني للتنمية في إطار فكر الدولة الذي يفتح الآفاق للإبداع والتطور ولكن ليس على حساب الثوابت والهوية.
ولان خطأ وزارة قد يكلف حكومة بأكملها الاستقالة، فان عددا من وزراء الحكومة الحالية خارج \"الفورمة\" وتغييرهم بات ضروريا حتى لا نخسر وسطية الذهبي وقدراته التي يدركها القاصي قبل الداني.