أبي الحبيب...في الذكرى الخامسة لرحيلك ...همسة وفاء
كنتُ أحسب الأمر هيّناً، لأنني لم أتجرع قسوته بعد، كان ذلك قبل خمس سنوات من الآن، حين كانت شمسك لم تغب بعد، وكانت تؤذن بالحضور مع كل اطلالة فجر يوم جديد، كنت منا الأب والأخ والصديق، لا بل كنت الحكيم، الكبير، والموجه، والمرشد والدليل
هي سنوات تمضي بعد نفاذ حكم الله، لكنك في كل يوم تقترب منا أكثر وأكثر، نجحت بفضلك وبدعائك الى الله لي بأن أكون كما أردت لي، فها انا والحمد لله، لن أنسى فضائلك بعد الله تعالى فأنت سبب وجودي وسرُّ نجاحي،
إليك تحت الثرى، يا من رباني صغيراً، ورعاني شاباً، وصاحبني كبيراً، إلى من سألت الله أن يرزقني بره في حياته، والآن أسأله أن يرزقني بره بعد وفاته،
أكتب أسطري مهداة إلى روحك الطاهرة - بإذن الله تعالى - وأنا في غاية الشوق لك لتقبيل رأسك ويدك الكريمة، ولسماع صوتك لتهدّئ لوعة الفؤاد بعد أن حال بيننا وبينك عالم البرزخ، ولتكون نوعاً من رد الجميل والاعتراف بالفضل بين الأبناء والآباء.
أبي الحبيب،
ها قد مرت خمس سنوات على فراقك، أحسها كأنها الأمس، لازلت أذكر حركاتك وسكناتك وابتسامتك، وأذكر جيداً يوم وداعنا عندما نظرت الينا انا وحفيدك الدكتور رائد نظرة المودع!!!! وكنت تردد" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" عندما تبسمت في اخر لحظه في حياتك عند خروج روحك الطيبة إلى روح وريحان كأنك كنت تدري بأنك لن تعود ولا عجب فإن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه،
رحلت بهدوء كما كنت دائما، أجزل الله ثوابك يا من ابتُليت بالمرض فصبرت وشكرت، رأيناك تتحمل الآلام بنفسٍ راضيةٍ، ولم يبدر منك قولٌ أو فعلٌ يدل على تسخطك أو عدم رضاك بما قدّره الله عليك، عفا الله عنك يا من أكرمنا الله تعالى بشرف خدمتك ومُرافقتك وتمريضك، والقرب منك طول مدة مرضك لتقر أعيننا بك في آخر أيامك في الحياة الدنيا، ولنقوم بشيءٍ من حقك، ونؤدي لك ولو جزءاً يسيراً من واجب بِرِّكَ علينا ما دُمنا على قيد الحياة .
أبي الحبيب..
أعلم يا أبي أن أسطري هذه لن تصلك، ولكني أعلم أشد العلم، بأن دعائي لك يصلك فرحمك الله يا أبي وغفر لك، يا من انطلقت الألسن بالدعاء الصالح لك من كل من عرفك، والله نسأل أن يتقبل دعاء من دعا، كما نسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يرحمك، وأن يعفو عنك، وأن يجعل قبرك روضةً من رياض الجنة، وأن يُكرم نُزُلَك، وأن يوسِّع مُدخلك، وأن يُبدلك داراً خيراً من دارك، وأن يجمعنا بك في مستقر رحمته إنه على كل شيءٍ قدير
نم قرير العين يا أبي، وما أحسبك ويحسبك أبناء الوطن الا مرتاح البال لما بذلت في سبيل وطنك وأولادك واهل بلدك، اطلب لك الرحمة والمغفرة من رب العالمين فهو ارحم الرحماء بعباده واعاهدك بان اعمل ما وصيتني به الحفاظ على مخافة الله والحفاظ على صلة الرحم والسمعة الطيبة ومحبة الناس، ولا نقول سوى ما يرضي ربنا، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبى لمحزونون، فجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لك، والله نسأل أن يُنزلك منازل الصالحين والشهداء، وأن يرحمك اللهم آمين وصلى الله عليه وسلم.
ابنك أسامة