لمرة خامسة تلغي وزارة الصناعة عطاء لإستيراد القمح , فلم يفلح التجار في إستيراده أو أنهم يستنكفون عن ذلك بسبب الشروط المشددة في المواصفة , فهل كانت فيما مضى متساهلة ؟
هذا يقودنا الى سؤال عن وضع التشدد في الشروط كشماعة لإلغاء العطاءات بينما تستطيع وزارة الصناعة الذهاب الى المصدرين مباشرة وجلب القمح وفقا لشروطها فلما لا تفعل ؟
تشديد الشروط ليس مبررا لإحجام التجار عن المشاركة في العطاءات والمطالبة بتخفيفها والتلويح بنقص المخزون الاستراتيجي من القمح في حال الإستمرار فيها هو شكل من أشكال الضغوط على مؤسسات الرقابة وإتهامها بعرقلة الإستيراد وهي تهمة مثيرة للإستغراب لأن تشديد المواصفة مسؤولية يجب أن تتمسك بها الحكومة قبل التجار .
المقصود بالتشدد هي مؤسسة الدواء والغذاء التي رفضت إدخال شحنات غير مطابقة للمواصفة كان أخرها قمح هولندي وهي القضية التي شغلت المؤسسات المعنية بالرقابة وجرت معها الرأي العام إلى أجواء الشك والريبة تجاه سلوك هذه المؤسسات وبينما كان يجدر أن تستحق الثناء واجهت إنتقادات كان مستغربا أن تأتي من جانب الحكومة .
الخلاف على أهلية شحنات القمح وقبلها إسطوانات الغاز حول المعركة الى داخل الحكومة وبدت القضية وكأن سباقا يجري بين المؤسسات الرقابية على كأس النزاهة , مع أن هذه المؤسسات يجب أن تكون في خندق واحد في مواجهة تجار يسعون الى تمرير أغذية ومواد تشكل خطرا على المستهلك .
دور المؤسسات الرقابية القيام بدورها الرقابي بمهنية وإستقلالية دون زيادة أو نقصان حتى لا يبدو الأمر وكأن صراعا يدور بين المؤسسات ينتهي بحصد أصوات لمؤيدين وتصفيق حار من جمهور يتأثر بتصريحات من هنا وهناك بعضها فني لكن أكثرها شعبوي غرضه كسب التعاطف والتحشيد .
دور الحكومة أن تدعم هذا الدور لمصلحة المستهلك ودور التجار هو الإلتزام بالشروط حتى لو كانت مكلفة , ويعرف التجار أن مثل هذا الإلتزام لا يرتب خسارة , الا إن كان القصد من تخفيف مستوى المواصفة هو تلاعب يفضي الى تحقيق أرباح أكبر .
الراي