مذيع، دقه قديمة، سأل شابا:
-اعطني اسم كتاب قرأته، وغير مجرى حياتك؟.
فاجاب الشاب بكل ثقة:
-كتاب الكيمياء...
-كتاب الكيمياء؟؟ كيف حصل ذلك؟
-من اول ما تصفحته حوّلت «أدبي» .
من البداية، اتهمت المذيع السائل بأنه دقه قديمه، لأنه فعلا ، دقه قديمه، فما عاد احد يقرأ كتبا، حتى جناب حضرتي، فقد كنت قارئا جيدا قبل عقد او عقدين ،لكنني الآن اقضي معطم وقتي على النت، وما عدت استهلك ربع كمية الكتب التي كنت استهلكها في ذلك الزمان...فكيف بالشباب الجديد، الذي لم يتعرف على نكهة ونعمة المطالعة اصلا؟
طبعا لا ننكر ان هناك المئات، وربما بضعة الاف، من القراء الشباب، لكنني اتحدث هنا عن ظاهرة عامة، ان لا يقرأ الإنسان عدا الكتب المدرسية والجامعية، وهي اصلا قراءة تحفيظية تلقينية لا تعني شيئا كثيرا.
ومع ذلك فإن المطابع تدور وتدور وتتمخض عن كتب وعناوين تعرض في المكتبات والأكشات بكل هيبة ووقار . كنت ذات يوم عند صديقي حسن ابو علي في كشك الثقافة العربية، وسط البلد، فمر من هناك احد مجانين المدينة التقليديين ... وكان متهيجا ، فقال بانفعال لأبي علي:
-كتب .. كتب ما حدا بقرا ... بيع تبن اربح لك.
وهي عبارة ذكية من احد عقلاء المجانين. وقد اخبرتكم قبل فترة عن صاحب دار النشر الذي يملك مستودعا للكتب في الهاشمي الجنوبي، حيث داهمه اللصوص ليلا ، ولما فتحوا الكراتين على ضوء اللوكسات ، تركوها وهربوا خائبين ، فقد كانوا يظنونها في البداية كراتين مليئة بسجائر المارلبورو والونستون، كما هو مطبوع عليها ..ولم يعلموا ان المطابع اللبنانية ترسل حمولاتها من الكتب الينا بكراتين المارلبورو الفارغة.
قد تمنحنا وسائل الاتصال الإجتماعي بعض وسائل التثقيف ،لكنها لا تكفي ، ونحن نزداد جهلا على جهل وضعفا على ضعف . لكن مع ذلك ما نزال وسنبقى نصدر الكتب ، لعل قارئا ما في مكان ما وزمان ما يقول في نفسه، هذا كتاب جيد يستحق القراءة.
وتلولحي يا دالية.
الدستور