دون مواربة فان تسويق مهرجان الأردن لن يكتب له النجاح ويأتي ذلك لسببين: الأول أن المهرجان الجديد جاء على حساب مهرجان \"جرش\" .. ذلك المهرجان الوطني الذي أصبح عمره زهاء الربع قرن ويزيد بحيث استقر ليس في وجدان الأردنيين فقط بل وفي وجدان كل مبدعي العالم والعالم العربي ممن شاركوا في لياليه العابقة بالفرح.
السبب الثاني هو الطريقة التي تمت بها صناعة المهرجان الجديد بحيث أضحى في نظر كثيرين \"حملا خارج الرحم\"، ويروج له بصورة تثير الريبة والشك فضلا عن افتقار آليات ترويجه للشفافية وكذلك للحس التاريخي والفهم لطبيعة صناعة الثقافة الراقية، فالشركات الدعائية لا يمكنها أن تصنع ثقافة لأنها لا ترى غير الأرباح وكيفية تعظيمها فضلا عن تلك الشبهات التي حامت حول تلك الشركة التي تنوي تسويقه.
إن \"قصف\" عمر مهرجان جرش بهذه الطريقة يحمل من الدلالات الشيء الكثير ففي حين حوصر المهرجان ماليا لسنوات ظن البعض أن ذلك يأتي لأسباب تتعلق بشحة الموارد المالية لكن الصحيح هو أن تيارا طفيليا لم يطق أن يرى مهرجانا ناجحا دون أن يسهم بهذا النجاح ، لذلك كان الحصار المالي ومن ثم جاء الوأد بهذه الطريقة.
لو أن مريدو مهرجان الأردن إشتغلوا على فكرة التنافس مع المهرجان الأصيل وتقديم ما يمكن أن يقلب المزاج الشعبي والثقافي لصالحه لكان في الأمر نظر، ولو أن مريدو المهرجان الجديد ابتكروا نمطا مبدعا لإنتاج مهرجان نوعي يتفوق على \"جرش\" لقلنا أن لدى البعض فكرة مبدعة تحتاج أن تأخذ فرصتها الكاملة لكن الأمر اخذ منحى أخر لعله منهج \"الاستئثار\" ومد اليد إلى ارث ممتد لما يزيد عن الخمسة وعشرين عاما من العمل الثقافي والفني.
جرش مثل بعلبك وقرطاج وصلاله وريودي جانيرو فهل نتنازل طواعية عن كل ذلك الإرث لمصلحة مهرجان أثار من الريبة الشيء الكثير.
الآن وقبل الحديث عن مبررات استبدال مهرجان بآخر ومدى وجاهة هذه الفكرة المطلوب التحقق من اللغط الذي يثار حاليا عن المهرجان الوليد وما إذا كانت تلك الأقاويل التي ترد تباعا عن طبيعة الشركة المروجة صحيحة وبالتالي إبلاغ الرأي العام عنها ثم لنعد عن قرارنا بإلغاء \"جرش\" فمن باب أولى أن نعود عن الخطأ فالعودة عن الخطأ أكرم من التمادي فيه، حتى لو أريد للمهرجان الجديد أن يرى النور أليست جرش جزء من الأردن؟؟.
samizobaidi@gmail.com