الماء والقمح بين ايدينا ونستجدي!
شحاده أبو بقر
19-11-2015 10:57 AM
الماء والنار "الطاقه" والقمح، عناصر رئيسة تشكل معا مثلث الاقتصاد الوطني في سائر مجتمعات الارض , من يملكها يرتاح ومن يفقدها يشقى كثيرا، والناس شركاء في ثلاثة هي الماء والنار والكلأ , متى توافرت تيسرت الحياة ومتى شحت شحت الحياة كذلك.
تقودنا تلك الحقيقة التى أغفلناها طويلا في الاردن , إلى ملاحظة ما نعاني اليوم جراء فقرنا في هذه العناصر الحيوية الاستراتيجية الثلاثة متوهمين إمكانية ان نكون دولة صناعية مثلا , في بلد يفتقر إلى ابسط المواد الخام اللازمة للصناعه , لا بل وتخلينا عن نهج الفلاحة التقليدية وجعلنا من الزراعة إستثمارا وصناعة تحويلية خاسره.
ليس سرا ان الاردن طبيعيا بلد زراعي بالدرجة الاولى، ولكن زراعتنا اليوم تقوم على بذرة مستوردة لم نفلح في إنتاجها بعد , ودواء زراعي مستورد وعمالة مستوردة وكل ما نملكه هو الارض والمحراث لا غير , وما عدا ذلك فمستورد وبكلف عالية أفقدتنا ميزة اننا بلد زراعي.
ذلك داء يطول شرحه وتشخيصه، وما يهمني هنا هو الإشارة فقط إلى كميات هائلة نستوردها من الحبوب وبالذات القمح كغذاء للانسان والحيوان، بينما نهدر سنويا كيات هائلة من مياه الري في وادي الاردن على زراعات معظمها خاسر وعرضة للكوارث الطبيعية في قطاع زراعي يتيم لا يلتفت إليه احد إلا ما ندر كي لا نعمم.
تملك الحكومة ان تفكر جديا في تخصيص جزء يسير سنويا من كل حيازة زراعية في وادي الاردن والشفا لزراعة الحبوب وبالذات القمح والشعير، وبنسبة لا تتعدي عشرة بالمائة من كل حيازة , لعل ذلك وبالضرورة يسهم في إنتاج كميات كبيرة من الحبوب محليا عوضا عن إستيرادها من مصادر اجنبية , شريطة ان تتولى وزارة الزراعة توفير البذار النقي باسعار مناسبه.
هذاكلام قد لا يروق للبعض لا بل وقد يعتبرونه شيئا من تخلف ولا حول ولا قوة إلا بالله , فلقد صرنا ثالث او ثاني افقر بلد على وجه الارض في توفر الماء وهو عصب الحياة , وما زلنا ننام ملء العين ولا نبادر إلى إقامة حاجز ماء عند كل واد في محافظاتنا لإستيعاب شيء مما يجود الله به علينا في كل موسم شتاء.
بالمناسبة، في كل موسم يسقط على بلادنا قرابة ثمانية مليارات متر مكعب من ماء المطر، ولدينا سدود اقصى طاقة أستيعابية لها حوالى ثلاثمائة مليون فقط.
أذكر ذات مرة انني كتبت مقالا ربطت فيه بين القمح والماء وإستقلالية القرار السياسي السيادي للدول , وكان ذلك ربط أثار إستهجان البعض وربما حتى سخريته متسائلا عن علاقة الماء والقمح بالسياسة، مرة أخرى ودائما وابدا لا حول ولا قوة إلا بالله وهو سبحانه من وراء القصد.