بدأ الزملاء في "الدستور" بتلقي عشرات الرسائل التي سينشرونها تباعاً بمناسبة دخول عقدها الخامس متوجة بذلك اسطورةً صحفية ولا اروع.
هذا العنوان "حكايتي مع الدستور" اثار في داخلي شجوناً كثيرة وذكريات تمتد لاكثر من ثلاثةً وعشرون عاماً وتحديداً في العام 1984 عندما كنت اجلس على مقاعد الدراسة في مدرسة حي معصوم الثانوية وكان يلازمني في المقعد الدراسي ابن العم "ماهر" الذي اصبح الان يحمل رتبة مقدم في البحث الجنائي.في ذلك الصباح الندّي وقبل دخول المعلم لغرفة الصف, كنت انظر الى وجه “ماهر” الذي كانت تعلوه فرحةً لا تعادلها فرحة في الدنيا وعندما استفسرت منه عن سببها اخرج لي نسخة من جريدة الدستور انذاك وقد كانت نشرت له مقالاً في الصفحة التي يشرف عليها استاذنا فوز الدين البسومي.
سرت حكاية المقال في جنبات الصف بآكمله وبطلابه الثلاثون الذين التفوا من حولنا غير مصدقين ان احد زملائهم قد نُشر اسمه في جريدة الدستور.
باركنا لزميلنا "ماهر" هذا الانجاز الكبير واعتقدنا وقتها ان اسمه اصبح اكثر شهرة من اسم المحافظ واسم رئيس البلدية... لكن اللافت ان "ماهر" امضى سحابة ذلك اليوم وهو ينظر الى ذات المقال ويقرأ اسمه بصوتٍ عالٍ امامنا جميعاً ويقول »اسمي مكتوب في جريدة الدستور«... ماهر محمد سلامة بني خالد.
كانت علامات الفخر التي ظهرت على محيا "ماهر" تدفعني في كل يوم لسؤاله فيما اذا كان مسموحاً لي بنشر مقالاتي العبثية آنذاك في جريدة الدستور سائلاً اياه عن الطريقة التي قام بارسال مقالته للجريدة , ولا انكر انني تمنيت في تلك اللحظة ان ارسل مقالاً للعزيزة الدستور ليكتب في اسفلها اسمي كاملاً... كي اتباهى به امام زملائنا في الصف... وعائلتي في البيت.
علمني "ماهر" عشق الكتابة وغرس في قلبي عشق الدستور, ولا زلت منذ ذلك اليوم وحتى قبل اشهر اتوق للكتابة في الغالية الدستور التي كرمني فيها معالي الدكتور نبيل الشريف والعزيز على قلبي الاستاذ محمد التل لأكون واحداً من كتابها بعد ان غادرت “الرأي” حرصاً على ديمومة الحب.
ماهر... ترك التحقيقات الصحفية واتجه صوب التحقيقات الجنائية لكنه يذكرني كلما رأيته اننا نسير في ركب واحد, فهو يحقق العدالة بقانون الدولة وانا اسعى لتحقيق العدالة بقلمي لكن ما يجمعنا حتى الان.. حبنا للدستور وعشقنا للصفحة الاكثر قرباً الى قلبي وقلبه والتي يشرف عليها استاذي ابو العبد... فوز الدين البسومي.
بعد عشرة اعوام من تلك الحادثة التي غيرت مجرى حياتي نحو الصحافة وجدتني ازور الدستور واجلس مع "ابو العبد" الذي لم يقصر في نشر مقالاتي في صفحته العزيزة طوال تلك الاعوام المنصرمة.
لم يتخل "ابو العبد" في دعم قبولي لعرضٍ قُدم لي لكتابة زاوية يومية في ملحق كانت تصدره صحيفة الاسواق عام ,1994 واذكر انه اتصل مع رئيس التحرير لمحاولة وضع توصيته للاهتمام بكتاباتي وظل يلاحق اخباري منذ البلاد الى شيحان الى الاتجاه ثم المحور والسفيرة اللتان استقرتا في قلبي مع عشق الدستور التي أُطل على قارئها ثلاثة ايام من كل اسبوع..
حكايتي مع الدستور... حكاية حب لن تنتهي وعشق يوازي عشقٌ قيسٍ لليلى ..
اما "ماهر" فلن استطيع ايفاءه حقه من الشكر لانه كان سبباً في دخولي عالم الصحافة وسبباً في عشقي للدستور.. وللحديث بقية...
hashem7002@yahoo.com