من حيث أنها جماعة تغير اجتماعي، تؤكد على بناء الوعي لتغير القناعات ومن ثم السلوك،فقد وضعت جماعة عمان لحوارات المستقبل على سلم اهتماماتها موضوع التعداد العام للسكان والمساكن في الأردن لعام 2015 ذلك أنه ونحن نقترب أكثر فأكثر من الموعد المضروب، لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن في الأردن لعام 2015، صار لزاما علينا أن نرفع من وتيرة الجهود التي من شأنها زيادة وعي المواطنين على أهمية هذا التعداد وضرورته، ومن ثم ضرورة مساهمة المواطنين في إنجاحه، من خلال إدلائهم بكامل المعلومات المطلوب منهم الإدلاء بها لمندوبي التعداد وبدقة متناهية لأسباب عديدة، أولها ان التعداد هو استحقاق قانوني، على الجميع أداؤه احتراما للقانون وترسيخا لسيادته، وتعظيما لثقافة احترام القانون التي هي اللبنة الأساسية لبناء دولة القانون التي نطالب بها جميعا،لذلك علينا جميعا الامتثال لأمر القانون، وتطبيقه لأن هذا هو السبيل الوحيد لبناء دولة القانون. وهو البناء الذي يحتل حيزاً كبيراً من اهتمامات جماعة عمان لحوارات المستقبل.
غير سعيها للمساهمة في بناء دولة القانون، من خلال نشر ثقافة الامتثال لأمر القوانين بما فيها قانون الاحصاءات، فإن جماعة عمان تسعى لبناء قناعة بأنه على كل مواطن أن يدرك أن المصلحتين الشخصية والوطنية العامة تفرضان عليه المساهمة في الجهود الوطنية التي تستهدف وضع بلدنا على طريق المزيد من التخطيط السليم من هنا أهمية مساهمتنا جميعا في إنجاح التعداد العام للسكان والمساكن في بلدنا،لأن ذلك هو من السبل الأساسية لتوفير قاعدة معلوماتية دقيقة عن السكان والمساكن في الأردن من حيث عدد هؤلاء السكان،من حيث هم مواطنين,، أم مقيمون وافدون، وكم هو عدد هؤلاء الوافدين على اختلاف أصنافهم وجنسياتهم وفئاتهم «لاجئين، عمالاً، خبراء فنيين، دبلوماسيين.....الخ» ومدة إقامة هؤلاء الوافدين وأوضاعهم القانونية ومدى إلتزامهم بشروط العمل، وهل هم ضرورة اقتصادية أم أن أخطارهم الاقتصادية اكثر من فوائدهم الاقتصادية، اخذين بعين الاعتبار أثر هؤلاء على البنية التحتية وعلى الموارد الطبيعية وعلى نزف العملات الصعبة،ونسبة هؤلاء الوافدين إلى الأردنيين، وعلى ذكر الأردنيين فمن المهم ابتداء وانتهاء معرفة عددهم الحقيقي ومستويات معيشتهم، وظروف هذه المعيشة، ومستوى التعليم والثقافة والتخصصات العلمية والظروف الوظيفية والقدرات الإنتاجية للأردنيين، وهل هي مستغلة على الوجه الأكمل،وإذا كان الجواب بالسلب. فما هي الأسباب الحقيقية لتدني إنتاجية الأردنيين؟ ومن ثم ما هي نسبة الإعالة وحجمها ومستوياتها؟وماهي ظروف السكان ونوعية المساكن التي يأوي لها الأردنيون، وهل هي لائقة وما هوحجم ومستوى الخدمات التي تقدم لهذه المساكن ولساكنيها؟
هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن الإجابة عليها إلا من خلال توفير قاعدة بيانات دقيقة يسهم التعداد العام للسكان والمساكن في بنائها من خلال تعاون المواطنين مع فرقه تعاونا تاماً،بالإجابة على كل اسئلتهم بدقة وبشفافية، وبلا وجل أو خوف أو تردد، فهذا طريق رئيس لبناء قاعدة معلوماتية دقيقة عن السكان والمساكن في الأردن التي صار بناؤها ضرورة وطنية ملحة، لنعرف أين نقف؟ وأين نتجه؟ وكيف نخطط؟ ولماذا نخطط؟ بعد أن اشتكينا طويلاً من غياب هذه القاعدة المعلوماتية، ودفعنا أثمانا باهظة لهذا الغياب الذي آن له أن ينتهي.
وها هو التعداد العام للسكان والمساكن يفتح لنا مجالاً واسعا للمساهمة في إنهاء هذا الغياب، ومن ثم فتح باب جديد للدقة في ترتيب الأولويات الوطنية، ومن ثم التخطيط السليم لتنفيذ هذه الأولويات، على ضوء نتائج التعداد العام للسكان والمساكن الذي نأمل أن يكون قريبا جداً إلى الدقة المتناهية، وهو الأمر الذي لن يتحقق بدون تعاون المواطنين الذين عليهم أن يدركوا أهمية هذا التعداد في تحقيق مصالحهم الوطنية والشخصية، فالأرقام والمعلومات الدقيقة هي العنصر الأساسي في رسم السياسات الدقيقة في كل المجالات، فإذا أردنا وضع سياسات سكانية وإسكانية فعلينا أن نعرف العدد الدقيق للأردنيين،واذا أردنا تأمينا صحيا شاملا في إطار سياسة ورعاية صحية شاملة ومتكاملة فإن علينا أن نعرف عدد السكان والمساكن وتوزيعها بدقة أيضا،ليتم على ضوئها وضع سياسة سليمة للتأمين الصحي وتوزيع مرافقه ومن ثم تحقيق نتيجة صحية يتم توزيع مكاسبها بعدالة.
وإذا أردنا شبكة أمان اجتماعي شاملة علينا أن نعرف أيضا وبدقة عدد السكان والمساكن وفئاتهم وتوزيعهم الجغرافي، وكل ما يتعلق بهم من معلومات تكون أساساً سليما لبناء شبكة الأمان الاجتماعي التي نسعى إليها.
وإذا أردنا نهضة تعليمية حقيقية تقوم على عدالة توزيع المرافق التعليمية، فإن علينا أن نوفر قاعدة معلوماتية دقيقة عن توزيع السكان والمساكن ليتم على ضوئها توزيع احتياجات التعليم.
غير ذلك كله فإن توفر المعلومات الإحصائية الدقيقة من شأنه أن يعين المواطنين على تحقيق مطالبهم من مؤسسات الدولة عندما تكون هذه المطالب مبنية على معلومات وأرقام دقيقة.
باختصار شديد فإنه لا يمكن أن نحسن التخطيط ومن ثم التنفيذ في كل مجالات حياتنا التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، إن لم تكن لدينا قاعدة بيانات دقيقة عن السكان من حيث العدد والجنس والمستوى التعليمي والتخصص والإنتاج والإعالة وظروف المساكن، وكل هذا يسهم التعداد العام للسكان والمساكن بحصة الأسد في توفيره مما يفرض علينا أن نتعاون جميعا مع فرق التعداد العام خدمة لمصالحنا الشخصية والوطنية، فهل نفعلها ونعرف أن في تعاوننا مع التعداد العام الذي صار على الأبواب مصلحة شخصية ووطنية بل واجب شرعي قبل أن يكون استحقاق قانوني علينا احترامه؟
الرأي