بريطانيا .. قال المريب خذوني
اسعد العزوني
17-11-2015 02:23 PM
ورد في المثل الشعبي الدارج "كاد المريب أن يقول خذوني"، لكن بريطانيا وفي هذه الظروف بالذات، ومن أجل التعبير عن ذاتها بطريقة مميزة، قالت تعالوا وخذوني، بعد تفجير الطائرة الروسية والهجمات الإرهابية بإمتياز على باريس.
ولا شك أن بريطانيا التي كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وحكمت المنطقة بطبيعة الحال - وهي التي ولدت مستدمرة إسرائيل بالتنسيق مع آخرين، لكن يهود بحر الخزر، ولديدنهم المعروف غدروا بها بعد أن إشتد عودهم، ونفذوا عمليات إرهابية فظيعة ضد تواجدها العسكري في فلسطين، وعلقوا جنودها قتلى على الشجر وعلى أعمدة الكهرباء على قارعة الطرق في فلسطين، وطلبوا منها صراحة الانسحاب من فلسطين لأنها "دولة "محتلة - ترغب جديا وعمليا في العودة إلى المسرح الدولي وعلى أرض الواقع، بعد أن إقتربت أمريكا من إعلان هجرها للشرق الأوسط، إلى منطقة الهند الصينية لصد تمدد التنين الصيني والنهضة في الهند وماليزيا وروسيا، ولا شك أيضا أن الشرق الأوسط، الذي يشهد فراغ سيادة محلية مغر لأي قوة في العالم كي تبني مجدها وسؤددها على حساب أهل المنطقة الغائبين المغيبين عن قضاياهم.
وللإنصاف فإن بريطانيا وحتى يومنا هذا، ما تزال تتشبث بـ"قرمية" الشرق الأوسط، أو باللغة السياسية الدارجة ملف الشرق الأوسط، بمعنى أنها القادرة على تحليل مجريات الأمور في المنطقة، أي أنها كالخبير في الألغام الفاهم جيدا لخارطة الألغام كونها هي التي رسمت الحدود وغرست بؤر التوتر، وفي المقدمة طبعا ما يطلق عليه قضية الشرق الأوسط.
ولو ان بريطانيا هي التي تمتلك القوة العسكرية الأمريكية، لما بقيت قضية فلسطين بلا حل، لكن الموقف الأمريكي المتردد في حسم القضية لضعفه ، بسبب سيطرة اللوبيات اليهودية على مفاصل صنع القرار الأمريكي، وطبيعة الإنتخابات الأمريكية، أبقت على الملف دون إقفال.
برزت النوايا البريطانية على رؤوس الأشهاد وبطريقة ملفتة للنظر وأقرب منها إلى الإستعراضية والظهور بمظهر الضحية التي سكتت عن الظلم الذي تعرضت له، لكنها إستغلت اللحظة الراهنة للإعلان عن مظلوميتها، وقد فتحت بريطانيا أول صفحة في الملف، وقال رئيس وزرائها السيد ديفيد كاميرون بعد إسقاط الطائرة الروسية في مصر قبل أيام، أن طائرة بريطانية مدنية بطبيعة الحال، تعرضت قبل شهر من إسقاط الطائرة الروسية لصاروخ مصري وتفادته، وأحسن المصريون صنعا عندما ردوا عليه وأوضحوا ان الصاروخ إنطلق من منطقة تدريبات عسكرية بعيدة عن الطائرة.
يبدو أن لندن إستمرأت هذا النوع من الظهور الإستعراضي وتلبس دور الضحية، إذ أنه وبعد تفجيرات باريس الإرهابية الأخيرة، خرج علينا السيد كاميرون مرة أخرى بقوله إن لندن أحبطت سبع هجمات إرهابية عليها قبل ستة أشهر.
قلنا سابقا إن بريطانيا خرجت من المنطقة مغدورة من قبل يهود بحر الخزر، الذين لا صديق ولا حليف لهم، ولا يحترمون عهدا أو ميثاقا وقعوا عليه، وهذا أهم سبب جعل بريطانيا تتصدر الموقف الأوروبي في موضوع وعد بلفور، لأنها كانت تريد أن تؤسس مملكة مسيحة خالصة خالية من اليهود، وهذه كانت نفس رغبة النازي هتلر الذي إتفق مع الصهيونية على السماح للشباب اليهودي الألماني أن يغادر إلى فلسطين ليسهم في بناء مستدمرة إسرائيل، في حين طلب منه قادة الصهيوينة ان يتخلص من العجزة والمعاقين اليهود حتى لا يكونوا عبئا عليهم، ومن هنا جاءت قصة الهولوكوست التي نفذها هتلر بالتعاون والتنسيق والتفاهم مع قادة الحركة الصهيونية.
ما ترمي إليه بريطانيا من خلال إستعراض مظلوميتها واستهدافها هو العودة مجددا إلى الشرق الأوسط كي تعيد مجدها بعد أن أيقنت أن امريكا راحلة عن المنطقة، ولعمري أن بريطانيا أسهمت مع يهود بحر الخزر، بعمق في توريط أمريكا، وإظهارها بمظهر العاجز عن الضغط على إسرائيل، كي تصل إلى مبتغاها، ويقيني ان بريطانيا قد حققت أهدافها، وبالتالي فإن عودتها إلى المنطقة ستكون وشيكة، ولكنها لن تكون صاحبة اليد الطولى، بل شريكا ضمن مجموعة في الهيمنة على الشرق الأوسط.