الغربةُ ولادةٌ جديدةٌ.. أوكسجينٌ مُختلفٌ وبُكاءٌ مُختلفٌ ولكنْ بنفسِ درجةِ الرّعبِ..
وإنْ لم تَكنْ قويّاً أكلتْكَ العصافيرُ..
هي جلسةُ هدوءٍ وصوتٌ رُوحانِيٌّ كانَ مجهولاً بالنّسبةِ لك..
أو ربّما كانَ ضائعاً في زحمةِ الأغْلالِ اللّؤلؤيةِ والحناجرِ الخِنجريّةِ، والألوانِ المائيّةِ، تلكَ التي لم تجفَّ بعدُ..
واللوحةُ ما زالتْ بالانتظار..
الغربةُ صندوقٌ أسودُ اكتُشِفَ في المحيطِ..
تتألمُ لحجم ِالكارثةِ ثمّ يأتيكَ الإلهامُ.. وتشكرُهُ لِكشفِ الحقيقة!
هي إنقاذُ حريّةٍ مذبوحةٍ ما زالتْ تحبُّ الحياةَ..
ذُبِحتْ ولم تَمُتْ!
فتبدأ خطواتِكَ الأولى كَطفلٍ يدهشُهُ النُّطقُ والألوان..
ثمّ تدركُ كمْ كانَ عالَمُكَ صندوقًا مغلقًا.. لا ألوانَ فيهِ ولا نُطْق!
وتكتشفُ أنّ الخطَّ مستقيمٌ!
الثانيةُ في عقاربِ الساعةِ زمنٌ ثمينٌ..
ويرقُصُ العقلُ فرحاً لإطلاقِ سراحِهِ..
وتحزنُ على وطن ما زالَ كطفل ٍ صغيرٍ وعمرُهُ آلافُ السنينَ
تحاولُ مدّ يدِ المُساعَدَةِ فيقنِعونَ الطّفلَ أنكَّ نارٌ وشيطانٌ رجيم!
تهمسُ له، تحاولُ جذبَ انتباهِهِ.. فيشغلونَهُ بحلوى فاسدةٍ وألوان!
أنتَ تريدُ البكاءَ فتبكي قهراً وحزناً..
كعاشقِ محبوبةٍ أبديّةٍ ما عشِقَتْكَ يوماً!
ولكنّها في القلبِ والروح ِدوماً..
تُغازلُها أشعاراً، وترثيها أحياناً..
حتى بزوغِ الفجرِ وانتهاءِ العمرِ..
وعلى وسادتِكَ كلَّ ليلةٍ رسمٌ لفارسٍ وحصانٍ أبيض..