التيه العربي .. ووحدة أميركا اللاتينية!
أ.د.فيصل الرفوع
09-06-2008 03:00 AM
وقعت اثنتا عشرة دولة من دول أمريكا اللاتينية- الجنوبية، في العاصمة البرازيلية برازيليا في 2/6/2008 اتفاقية للتعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني ثم السياسي بين هذه الدول، والتي تشكل ما يزيد على 80% من مجموع سكان القارة وحوالي 85% من المكون الجغرافي لهذه القارة. ومما أعطى هذه الاتفاقية نوعا من المصداقية وجدية الطموح هو عضوية أهم دول أمريكا اللاتينية لهذه الاتفاقية كالبرازيل والأرجنتين وفنزويلا وتشيلي. ، حيث ستنظم هذه الاتفاقية التنقل البيني الحر بين مواطني هذه الدول ، وهم الذين لا يجمع بينهم عامل مشرك، إلا اللهم نكران الذات وقدسية العمل الجمعي، والاستفادة من تجارب الأمم والشعوب الأخرى. أما نحن امة العرب، والذين بارك الله وحدتنا من سابع سماء، فإننا نصحو على خبر تهديد الحوتيين لوحدة التراب اليمني!!!.، وحرب الأخوة في لبنان وأخبار استهداف الأمن الجزائري، وحالة الحدود المغربية - الجزائرية والتي ما زالت مغلقة منذ 1994!!!. وحصار الشعب الفلسطيني، وأخبار دماء العراقيين والصوماليين التي تسيل كل يوم ، وما يتعرض له السودان من تآمر على وحدة ترابه، وغير ذلك الكثير، دون أي بادرة من قبل النظام الإقليمي العربي لاحتواء أو مواجهة هذه الأخطار والكوارث التي تحل بأمتنا ،مما يبعث كل معاني الإحباط في نفس الإنسان العربي خاصة في مشرقنا العربي.
لقد كنا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي اقرب ما نكون إلى تجسيد المفهوم الحقيقي للوحدة العربية و العمل العربي المشترك، وترجمة مبدأ التضامن العربي إلى واقع ملموس. وكنا في ممارساتنا اليومية، حكومات وشعوبا، اقرب إلى التفاعل الحقيقي والمبدئي مع المصالح القومية المشتركة. كل ذلك بالرغم من كون قرارنا السياسي والسيادي مصادراً نتيجة لاستمرارية جثو الكابوس الاستعماري على العديد من الإرادات العربية، وكان للخلافات والاختلافات البينية خطوط حمراء، ليس لها الحق في تعديها أو القفز عليها أو تجاوزها، مهما كانت الضغوط الخارجية والمتنفذة آنذاك . وكان تهديد الأمن القومي العربي يمثل رأس سنام التضامن العربي. ولم تكن هناك مساومة على المصلحة القومية العليا، كان اسم الأمة العربية والدفاع عن وجودها وحقها في التحرر والوحدة على لسان كل عربي.
واليوم، نجد أنفسنا وقد غلبت عليها أنانيتنا القطرية، وتبددت مفاهيمنا العروبية لتحل محلها حالة الانعزال القطري، وتحولت المصالح العربية العليا، إلى مصالح قطرية ضيقة، وأصبح استمرار الحاكم في موقعه وأمنه الشخصي أهم من الأمن القومي العربي . ولم تعد تسمع أناشيدنا القومية، بقدر ما تسمع لكل ما يقود إلى تراجع قيمنا وتراثنا، فنادراً ما تسمع.. ..والله زمن يا سلاحي.. أو ..أخي جاوز الظالمون المدى وحق الجهاد وحق الفدى.. وإنما ترى وتسمع من سقط متاع الفن الذي ينأى بك كعربي عن واقع أمتك ومستقبل أجيالها.
ولم تعد آلاف الضحايا من الأمة العربية، وانهار الدماء العربية المستباحة، والسيادة القومية والقطرية المتجاوز عليها، وتراجع قيمنا العربية والإسلامية الأصيلة لصالح استمراء القوالب القيمية المستوردة الجاهزة!!! لم يعد كل ذلك وغيره الكثير قادرا على تحريك دمائنا الراكدة، من اجل لم شمل الأمة والتجاوز عن خلافاتنا البينية، والتي لو قورنت بما يحاك ضد وجودنا في ليل شديد السواد، لأدركنا كم هي خلافات تافهة ووضيعة . كان مجرد التفكير في جر مياه نهر الأردن كافيا للقاء زعماء الأمة، في حين استباحة بغداد حاضرة الأمة وعاصمة الخلافة لم تحرك فينا ساكناً ، وننظر كالمغشي عليه من هول ما تتعرض له ارض الرافدين، والتي قد تحرك رفات هارون الرشيد في ارض فارس، ولا تحرك فينا مجرد محاولة التفاهم مع المحتل من اجل العراق ومستقبله. لقد أدركت الآن معنى أن تسوق الأقدار هارون الرشيد ليموت ويدفن في بلاد فارس بعيداً عن بغداد، كي لا يحظى بريمر أن يعيد ما قاله غورو القائد الفرنسي لصلاح الدين في دمشق في أعقاب معركة ميسلون ...ها قد عدنا يا صلاح الدين.. .
نعم، لا بد من صحوة ضمير عربية تعيد للأمة ثوابتها وثقتها بنفسها، بعيدا عن المغالاة في المصالح القطرية، والتي ليست ببعيد عن مهب الريح.
نحن في عالم الكتل والتكتل والوحدات الإقليمية، ولا دور لمن يأتي فردا ضعيفاً مرعباً أمام العالم..عالم القوي. لقد أصبح الإنسان العربي يخجل من نفسه حينما يرى بان الآخرين في تسارع مع الزمن لتحقيق طموحاتهم الوحدوية، في حين نحن معشر العرب نعيش في تسارع مع أحلام الماضي دون أن نحرك ساكنا للتعامل مع المستقبل!!!! وإذا لم نصح فإننا إلى مصير مجهول...إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...!!!
alrfouh@hotmail.com
الراي