لا ندري في معايير المسؤول عن الملف الاقتصادي في الأردن متى نكون في عنق الزُجاجة ومتى نخرج ومتى نعود إلى قَعرْ الزُجاجة، كل ذلك أحياناً يحدث في شهر خروجاً على كل الأعراف الاقتصادية التي لا تقل فيها الدورة الإقتصادية لأكثر إقتصاديات العالم نشاطاً عن سنتين ويبدو أن التصريحات تأتي لتلميع الحكومة أمام الشعب أو أمام القائد وتوظف كافة الدوائر الإعلامية والإحصائية والعملياتيه لترويج ما يقوله المسؤول ويتعامل معه على أنه حقيقة وهو أكثر من يعلم أننا نعلم أنه يعلم أن ما يقوله لا علاقة له بالحقيقة!
إن تجيير الحكومة للظروف العالمية على أنها إنجاز حكومي فيه ظلم للمواطن وتعزيز نظرية عدم الثقة بما تقوله الحكومة، المواطن يحكم على الوضع الاقتصادي من خلال قدرته على تأمين حاجاته الأساسية والتعليمية والأمنية والصحية ومن يعجز عن توفير حاجاته الأساسية لن يُصدق ما تقوله الحكومة مهما صَرّحتْ ومهما وظّفتْ من أبواق ومصفقين، لن تُقنع من يتحمل المعاناة ويَعجز عن تأمين لوازم بيته واولاده.
إن الشّماعة التي تُعلق عليها الحكومات خيباتها دائماً هي ضعف الإقتصاد الأردني، فبالله عليكم كيف لا يكون الإقتصاد ضعيفاً وأكثر من نصف طاقات الوطن المُتاحة مُعطّلة من أيدي عاملة ورؤوس أموال وأراضي وتكنولوجيا ، نعم الإقتصاد ضعيف ويزداد ضُعفاً كلما زاد عبئ المواطن وثقلت كواهله، إذا كان المواطن في ظل ظروفه السيئة يعمل على إعداد أولاده وتسليحهم بالتعليم ويُلحقهم بالجامعات والمعاهد على حساب قوته اليومي ومع ذلك يبقون عبئاً عليه رغم تأهيلهم عندما لا يجد لهم وظيفة أو عمل يكسبون به قوت يومهم.
اهتمام الحكومة في واد وتطلعات المواطن في واد آخر، الحكومة تتطلع إلى رفع إيرادات الدولة لتغطية نفقات الحكومة من مكافآت الفئات العليا وتأمين السفر على مقاعد الدرجة الأولى والإقامة في فنادق الخمس نجوم ، والمواطن يتطلع إلى دخل متواضع يكفل له تأمين اساسيات الحياة اللازمة، وبهذا تُضاعف الحكومة الأعباء بفرض الضرائب ورفع الأسعار وإيقاف الدعم بما يرفع كلفة الاستثمار ويمنع الاستثمارات القائمة، وبذلك اصبح الإقتصاد الأردني غير قادر على استيعاب القوى الجاهزة للإنضمام لسوق العمل من خريجي الجامعات والمعاهد والمتسربين إلى سوق العمل بما يزيد من معدلات البطالة وتفاقم الفقر وتعميق معاناة الدولة الأردنية، لأن الأردن الآن أحوج من أي وقت مضى للمشاريع الإنتاجية التي تقع مسؤوليتها على القطاع الخاص الذي يحتاج لقطاع عام متعاون ومنفتح ومُبادر ليُشجع القطاع الخاص على المُبادرة والتوسع في المشاريع اللازمة لعلاج ما يُعانيه الإقتصاد من تراكم لعناصر الإنتاج غير المُفعله من أيدي عاملة مُعطّلة ورؤوس أموال خاملة وأراضٍ مُهملة ما يُشكل عناصر الإنتاج الحقيقية لأية مجتمع.
باتَ من الضروري تغيير النهج والمُبادرة إلى مشاريع اصلاح الحكومات وباقي السُلطات بدلاً من الإعتماد على نظام الترقيع بما يتطلب تأهيل رجال السُلطة وتجديد النخب من أجل مواجهة التحديات التي باتت تتفاقم بفعل تزايد التهديد الأمني إضافة إلى ما تُعانيه الإدارة من آفات.