مهما كانت القوة العسكرية لعصابة داعش الارهابية فانها ليست اكبر من قوة كميات الدول التي دخلت اكثر من تحالف لضربها في سوريا والعراق ومحاصرتها في كل العالم، لكن داعش كان استمرارها مطلوبا لانها جزء من مسار ادارة الازمة السورية والفوضى العراقية، وحتى يوم ان (هزمت !!) داعش الجيش العراقي في الموصل كان الجميع مندهشا من هذا الانتصار، لكن ذات الدهشة موجودة عندما نرى سيطرة هذه العصابة في سوريا والدعم الذي كان ينهال عليها من تركيا او عبر تركيا وحتى عبر طائرات أعداء داعش.
خلال اقل من ٤٨ ساعة شهد العالم ثلاثة احداث هامة أولها تحرير سنجار في العراق على أيدي الأكراد وطرد داعش منها، والحدث الثاني تفجيرات باريس الارهابية التي أرعبت فرنسا والعالم الغربي وحتى منطقتنا الشرق أوسطية، وهي احداث وتفجيرات يقال أنها الاقوى منذ أربعين عاما، والحدث السياسي الأهم كان اجتماعات فيينا بين القوى الدولية حول الملف السوري وإعلان بيان سياسي يتحدث عن اتفاق سياسي يتضمن اتفاقا على مرحلة انتقالية ودستور جديد وانتخابات تجري خلال ١٨ شهرا، وحتى القضية الخلافية حول مستقبل بشار الاسد ووجوده فانها اختفت ولو مرحلياً.
العالم اليوم كله ناقم على داعش ،وحتى الشعوب في أوروبا وأمريكا التي لاعلاقه لها بلعبه وجود داعش فانها اليوم مسكونة في الرعب ، ولو كانت التفجيرات في الشرق الأوسط لما كان لها الأثر على شعوب الغرب بمن فيها روسيا وأمريكا ،لكن من اختار ان تكون باريس هي مركز العمليه الارهابيه فانه أراد منها ان تودي دورا سياسيا ، وهي باريس وليست واشنطن او موسكو ،وعندما جاء تحرير سنجار على أيدي الأكراد فانها رساله ان داعش من الممكن هزيمتها وطردها من اي معقل لها ،وعندما يأتي بيان فيينا فانه الطريق السياسي الذي سيجعل من طرد داعش هدفا وغايه للجميع وتحديدا القوى الكبرى إرضاءا لشعوبها وتحقيقا لأمنها .
القراءه للمثلث الذهبي من الأحداث يقول ان سوريا على طريق الحل السياسي الذي سيستغرق عامين من التنفيذ ، لكنه يحتاج الى وقف لإطلاق النار ، وهنا العقده العسكريه لانه حتى لو أوقف النظام ومعه كل من معه من دول وتنظيمات وأوقفت قوى المعارضه كلها النار فان النار ستبقى في سوريا لان داعش واخواتها خارج كل هذا السياق السياسي ، وهي موجوده لابقاء مسار الحرب والدم لانها لاتريد حلا سياسيا ولم تتحدث عن رحيل الاسد او إصلاح فهي ترفض كل شيء وتريد ان تبقى هي وحدها ممثله لدين الله وعنوانا للإيمان .
اذا كان العالم قد وضع قدمه على اول طريق الحل السياسي فانه يكون قد اتخذ قرارا حقيقيا باغلاق ملف داعش وتحويلها الى حاله شكليه مثل القاعدة في أفغانستان ، وحتى الدول التي تدعم داعش واخواتها وتقدم لها المدن الاعلاميه والاسلحه والسيارات وتفتح لها الحدود فإما انها ستناور لتحقيق بعض المطالَب او ستقف بانضباط وراء الدول المرجعيه ، لان فكره الحل السياسي فير ممكنه اذا بقيت داعش واخواتها ،وإذا كان بيان فيينا جادا وأول الطريق فان تحالفات جديده ستظهر لتطهير المنطقه من داعش ،وسنرى امريكا مختلفه عسكريا في مطارده داعش ،وسنرى على الرض إجراءات تحول داعش الى جسد ضعيف لا يمكنه وقف اي عمليه سياسيه ،وكما ظهرت داعش مثل الألعاب الناريه فانها ستتحول الى رماد سياسي وعسكري .
لننتظر حتى نرى مدى جديه العالم في السعي نحو الحل السياسي ،فان كانت الجديه حاضره فان كثيرا من الأمور ستختلف وأهمها داعش واخواتها .