كأميرة خرجت من كتب الاساطير ..
د.أسمهان ماجد الطاهر
14-11-2015 05:22 PM
منذ كانت طفلة كان يبهرها ثوب الفرح الابيض، لطالما حلمت أن ترتديه، رسمت في مخيلتها ثوب أحلامها الذي كان يشبه ثوب أميرة. كبرت تلك الطفلة واصبحت شابه وجاء ذلك اليوم الذي سترتدي به ثوب العرس، لتزف به الى بيت زوجها وحياة مختلفة ،جاء اليوم الذي ستودع فيه طفولتها وتترك منزل والديها نحو حياة جديدة، رسم القدر لها الخًطا.
وقبل العرس بأشهر قرر والدها أن يهديها ثوبأ فاخراً يظهرها كأميرة كما حلمت، اصطحبها الى مكان واحد فقط، وبعد جوله قصيرة في المحل وقع أختيارها على ثوب من الستان الابيض المشغول بطريقة جميلة، وعلى كتفي الثوب تاجين مطرزين بطريقة فاخرة جداًً، ناسبها الثوب ولم يحتاج أي تعديل ، فرحت به وأرتدته عشرات المرات قبل الزفاف مزهوة به ، كانت تنظر الى الحياة من خلال طرحتها وتنتظر الفرح.
وجاء ذلك اليوم الذي سترتدي به ثوبها الجميل ،كان طويلاً ساتراً لم يكشف أو يشف ،بل كان حقاً يمثل العفة والطهارة والنقاء، وبعد أن اكملت زينتها ارتدت ثوبها وطرحتها البيضاء التى سقطت حول وجهها الطفولي فبدت أقرب الى اميرة خرجت من كتب الاساطير.
وجاءت تلك الحظة التي ستغادر بها منزل والديها، مرت امام عينيها بلحظة واحدة سنوات عدة قضتها بين والديها وأسرتها المحبة الجميلة، فسقط من عينيها الدمع كحبات برد، مشت بخطى بطيئة نحو قدرها ونصيبها، لم تكن تعرف من الحياة الا الفرح واعتقدت دائماً ان اللون الابيض اجمل الالوان وأنه لون الحياة. مرت السنوات وأكتشفت أن الحياة تمتلك عدة ألوان عدا الابيض فهناك الاسود، والاصفر ،والرمادي القاتم، وأكثر.. ورغم ذلك لم تعشق روحها ألا الون الابيض.
بعد مرور كل سنة كانت تحتفل مودعة السنة بكل ما فيها من احداث صعبة، وسهلة، جميلة وقبيحة،ومن أهم طقوس ذلك الاحتفال أرتداء ثوبها الابيض رغم انه ضاق كثيراً، وكان عليها أن تلتقط انفاسها بقوة لترتدية، وتتمسك بالفرح وتناديه وتطلب منه ألا يغادر روحها أو منزلها، متأملة أن لا تضيق ذرعاً بأحداث الحياة ، كما ضاق ثوبها.
هي الحياة لا شيء يبقى بها ثابت أوعلى حاله، تضيق بنا احياناً، ونضيق ذرعاً بها ، نبحث عن فسحة أمل وطاقة فرح، نبقى نتمسك بلونها الابيض الناصع حيث يمثل الصدق، النقاء، البراءة، العفة، والصفاء، والتفاءل ، ليمنحنا فسحة أمل.
نحاول دعوة الفرح بأصرار حتى يغلف ارواحنا، ويمنح الرئة مزيد من الأكسجين على كوكب الارض. نحاول الوضوء بنهر الفرح كلما استطعنا الى ذلك سبيلا، نبتسم في أشد حالات ألالم والحزن، حتى وأن كان الفرح لحظة هاربه نبقى نحاول الامساك بها، ونصر على إيجاد نقطة نور في فضائنا الشاسع،لتكون شعاعاً كلما اختنق نهار.
الحياة تصنع الظروف وكل ما علينا مواجهتها بأرادة، لا الزمان يهم، ولا المكان يهم ،أذا امتلكنا الاصرار على اسعاد من حولنا دون أنتظار مقابل. هي الحياة، سعادتنا بها مرهونة بأن ينجح الانسان بالقيام بما هو مخلوق له، وأن يتكيف مع الاحداث والظروف، وأن لم تكن تماماً كما يريد، فالدنيا دار ممر لا مستقر فليكن مرورنا بها كنسمة ربيع عذبة.
A_altaher68@hotmail.com