لا أشد مرارة على النفس من الشعور بالخذلان , فهو إحساس يخالط النفس المتيقنة من حقيقة أنها أدت وتؤدي إيجابيا كل ما هو عليها واكثر , ومع ذلك فلم تقابل بما تستحق من وفاء وعرفان , وهنا يحار المرء في أيجاد مبرر منطقي للنكران والجحود .
بأدب الملوك عبر جلالة الملك في احدث لقاء إعلامي عن هذا الإحساس المر , فالاردن الذي ينوب عن البشرية بأسرها في تحمل أعباء اللجوء السوري وما يتطلب من خدمات وإستحقاقات , دعا الاسرة الدولية غير مرة لتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد ولكن لا مجيب , وإن حدث شيء من ذلك , فهو القليل النزر الذي لا يرقى إلى ادنى مراتب المعاناة الاردنية جراء ذنوب لم ولن يقترفها , ولم يكن سببا في أي منها يوما من الايام.
يستغرب جلالة الملك هذا الواقع , ويرى ان نظرة العالم إلى ما نتحمل من اعباء هي كما لو كان " تحصيل حاصل " , فلا احد في هذا العالم يتحمل شيئا من وزر هذا اللجوء, ما دام الاردن متكفلا ادبيا والتزاما بالقانون الدولي وإنسانيا بهذه المهمة المرهقة لقدراته المادية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتيه والامنية وغيرها كثير
لم يكن الاردن يوما سببا في شقاء احد على هذا الكوكب , وهو في طليعة العاملين من اجل الاستقرار والسلام وإدامة الامن في هذا العالم , وهو الاكثر إلتزاما بمباديء الشرعية الدولية وقراراتها , وهو دولة ناجحة حققت من الانجازات ما ناءت دونه احمال دول كبرى وثرية في مواردها , وهو دولة إنفتاح إيجابي على دول الارض وشعوبها كافه , ومن هنا يحظى بالثناء والاشادة والتقدير المعنوى لدى الدوائر العالمية جميعها.
هذا واقع معنوي مشرف يعتز به الاردن ويفخر , لكنه واقع يتطلب وبالضرورة وفاء عالميا بإستحقاقات هذا الواقع , ومد يد العون للاردن الذي يعاني شحا في الموارد ليس أقلها الماء مثلا , بينما يعيل ويتكفل بتوفير حياة كريمة لشعوب شتى تعادل اكثر من ثلث تعداد مواطنيه إن لم يكن أكثر, شعوب شقيقة فاءت إلى رحابه طلبا للامن والنجاة والعيش الكريم.
الخذلان الذي عبر عنه جلالة الملك , يستفز مشاعرنا نحن الاردنيين جميعا , ويدعونا اكثر من اي وقت مضى , إلى الإلتفاف حول العرش الهاشمي المفدى وحول الوطن , وان نكون صفا واحدا في مؤازرة بلدنا وقيادتنا , فما نتحمل من اعباء نحو الاشقاء من الثكلى والمشردين , وسام شرف لن يخيب رجاءنا في عون الكريم سبحانه , فإن كان غيرنا ينكص عن واجب إنساني عظيم , فإن لنا الغلبة والكرامة والسبق على هذا الصعيد وكل صعيد مشرف كريم جدير بالثناء والتقدير .