لا يمكن اعتبار جريمة برج البراجنة حادثاً له علاقة بسياسة «النأي بالنفس» عما يجري في سوريا, فانغماس حزب الله في حربها الداخلية بهذا الحجم, نقل هذه الحرب الى لبنان.. وهذا لا يبرر جريمة داعش ولا يفسرها. فداعش الان مصابة بالسعار, وهي تبحث عن أعداء: تارة في روسيا, واخرى في تركيا أو العراق او السعودية او سيناء. وتستثير العالم ضدها كما يقول الملك عبدالله في: شبه حرب عالمية ثالثة.
ونعود الى جريمة برج البراجنة التي اصابت شيعة لبنان, وتجمعهم الاكبر بعد الجنوب والبقاع. فنقول إن العالم.. وأوله اميركا, واوروبا, والصين وروسيا والعرب استنكروا الجريمة. وتعاطفوا مع المستهدفين الشيعة الامر الذي يجب أن يقنع قادتهم, وزعماءهم الروحيين وملاّتهم ان السنّة والنصارى والبوذيين والشيوعيين والهندوس ليسوا اعداء لهم. وأن تصويرهم لتاريخ اضطهادهم الطويل تصويراً من صنعهم أنفسهم. وأن اغتيال علي بن ابي طالب, أو الحسين كان لأسباب سياسية شارك فيها أبو لؤلؤة الفارسي وابن ملجم العربي. لكن الفرس هم الان حزبهما الأكبر, والعرب هم أهل علي والحسين. فالموت لأميركا اصبحت: تسقط أميركا. ولعل المستقبل يجعل من اميركا صديقاً.. فالسياسة متحركها هو الثابت, ومصالحها هي الدائمة!!
لقد قرر حزب الله وحليفه الماروني عون حضور جلسة مجلس النواب بعد أكثر من عام على افشال انعقاده.. بالغياب. وتفاءل اللبنانيون بأن شيئاً ما سيحدث بعد أن تحولت عاصمتهم الجميلة المثقفة الى «مزبلة», وفشل الجميع في انتخاب رئيس جمهورية في جو حر, وتسهيل عمل حكومة تضم جميع الطوائف والاحزاب!! فلبنان لا معارضة فيه, لأن حكومته جامعة. والحكومة لا تعمل لأن المشاركين فيها منقسمون على أنفسهم!!
مشكلة لبنان ليست مشكلة الارهاب، لا داعش ولا النصرة، مشكلة لبنان داخلية اساسها عدم الولاء للوطن الواحد، والولاء للطائفة، او لدولة خارج لبنان الوطن.
لقد نجح قادة الصراع اللبناني حتى الان في تجنب حرب اهلية كالحرب التي امتدت من عام 1975 الى عام 1992، واهلكت مائة الف لبناني، وأدت الى هجرة مليون، واشترك في هذه الحرب غير الطوائف: اسرائيل، وسوريا، والعراق، والسعودية والفلسطينيين، وانتهت بالطائف، واتفاقاته التي لم يُنفذ منها شيء غير شرعنة الوجود العسكري السوري، الموازي للاحتلال الاسرائيلي ولمدة ستة وعشرين عاما.
ستبقى لبنان تغمس خارج الصحن، وستبقى داعش وارهابها تفجّر احياء الشيعة ومساجدهم في لبنان كما في العراق والسعودية وباكستان وافغانستان ومصر وليبيا، وسيبقى الولاء الوطني هو الغائب الوحيد.
الرأي