همنجواي وخيبة المسعىابراهيم العجلوني
14-11-2015 03:13 AM
كما عرفت بغداد, ايام ازدهارها طائفة من متسكعة الشعراء الذين كانوا يقضون نهاراتهم ولياليهم في شوارعها وحوانيتها ودكاكين الوراقة فيها فقد شهدت باريس في عشرينيات القرن الماضي طائفة من متسكعة المثقفين اطلق عليهم احد النقاد وصف «الجيل الضائع» مع ان بينهم روائياً مثل «جيمس جويس» أو مثل «ارنست همنجواي» وشاعراً مثل «ازرا باوند» وناقداً مثل «ارشيبالد ماكليش». وقد كان تسكّع هؤلاء جميعاً يحمل معنى من عبث الوجود لديهم وفراغ الأنفس, بعد الحرب العالمية الاولى التي انتصر فيها الحلفاء على المحور ذلك الانتصار الذي لا جدوى منه على المستوى القيمي والانساني والذي يشبه انتصار بطل همنجواي في قصته «العجوز والبحر» حين صارع جاهداً لاصطياد سمكة عملاقة ربطها الى قاربه بشق الانفس, ثم تبيّن له, مع انبلاج الشروق, بعد ليلة عاصفة, أن اسماك القرش قد أكلتها ولم تبق منها الا هيكلاً عظمياً, شاهداً على الخيبة. فعلى الرغم من الانتصار «المرموق» للحلفاء, الا أن العائد الروحي من انتصارهم كان هو ذلك الخواء الذي استشعره «الجيل الضائع» في شوارع باريس ومقاهيها وحوانيتها, ولعله أن يكون هو نفسه الخواء الذي انتهى الى استيقانه ارنست همنجواي قبل ان يطلق النار على نفسه منتحراً.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة