يواصل الكبار ودول الجوار البحث عن حل سياسي لازمة سورية التي حصدت حتى الآن ارواح ربع مليون إنسان سوري فضلا عن سواهم , مثلما شردت نصف الشعب السوري في طول الكوكب وعرضه , وخلفت مئات الآلاف من الجرحى والثكلى والايتام والارامل , ناهيك عن الدمار الشامل الذي حل بهذا البلد المنكوب , والآثار السلبية التى لحقت وتلحق كل يوم بدول الجوار ونحن في الاردن في طليعتها .
الامر المستهجن وسط هذا الدمار والقتل والخراب أن معيقي الحل السياسي لهذا الشلال الهادر من الموت والدماء , يقولون للإعلام ان ما يهمهم هو الشعب السوري وليس الرئيس الاسد , بينما يجعلون من مصير شخص ونظامه , سدا في وجه اي حل سياسي ملح ومطلوب للازمة التي لم يشهد التاريخ الحديث ازمة بمرارتها وظلمها وما تخلف من مصائب يندى جبين الانسانية من مجرد تخيل بعض يسير منها .
هذا هو العجب العجاب بعينه , فإما ضمان مصير شخص , او فليذهب شعب بأكمله إلى الجحيم برجاله ونسائه واطفاله وكل شيء في حياته , ولا يتردد معيقو الحل عن إتحافنا بالقول ان ما يهمهم هو الشعب السوري وسورية وليس النظام ,فيما تؤكد مواقفهم وافعالهم نقيض ما يقولون , كما لو ان تنحي شخص يعني زوال الشعب السوري بأكمله عن هذه الحياة الدنيا , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
إن كان معيقو الحل الملح صادقين في ما يقولون وان تنحي الرئيس ليس بأيديهم , فليقدموا له النصيحة إذا , فقد حكم سورية هو ووالده رحمه الله قرابة نصف قرن , وجاء الوقت ليرتاح ربما , رأفة بهذا الشعب الحزين الذي باتت ارضه مسرحا للارهاب التنظيمي والدولي وساحة لتصفية الحسابات واستعراض القوى وتجريب ترسانات السلاح وسوى ذلك من ضغائن العصر واحقاده , وإن لم يكن رحمة بالشعب السوري الذي بات يتيما على موائد اللؤم الدولي , فرحمة بشعوب المنطقة التي عانت وتعاني الامرين جراء هذا الجنون الدولي المستعر على الارض السوريه .
لم يهتم احد بمصير حسني مبارك ولا بن علي اللذين أخذا الامر من قصيره فارتاحا واراحا , فما شأن سورية إذا ولماذا هذا الاهتمام الذي لا تفسير ولا فهم له سوى انه إهتمام بالمصالح على حساب دماء السوريين وارضهم ومستقبلهم .لو خرج كل الاغراب من سورية فإن ازمتها لن تطول ابدا , فقط عليهم ان يعلموا يقينا أن دماء السوريين واشلاءهم هم واطفالهم ستظل تطاردهم إلى يوم الدين , بعد إذ اوغلوا في إدامة هذا الخراب المروع المجبول بشلالات الدماء السورية التي لن تغفر ولن ترحم احدا اسهم في هدرها طمعا بالمصالح والتطلعات , نعم لو يخرج الاغراب تاركين العرب يتدبرون امرهم , لتوقف طوفان الظلم والدم والخراب فورا , والله على كل شيء قدير , وهو سبحانه من وراء القصد .