اتّـقـوا الـلـه بـمـنْـبـر رســول الـلـه
محمـود الشـيبي
12-11-2015 11:47 AM
عجبتُ وليس العجب بغـريـب، وثـمـة ما هو مسـتغرب حدث في مسجدٍ في أم أذينة في غرب عمان. فتعليقاً على أحداث إرهاب الدولة التي تمارسه اسرائيل في القدس والأقصى وكل فلسطين المحتلة.
ارتقى الإمام المنبر في يوم جمعة من الشهر المنصرم، وقال: لا تحزنوا إنّ الله معنا. فقد بشّرنا بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قال لأبي بكر الصديق وهما في الغار، والقلق كان بـادٍ على وجه الصديق:" لا تـحزن إنّ الله معنا". ومضى الإمام في تطمينه للمصلين ليقول: اطمـئوا فإن النـصـر قريـب.
التقيتُ في اليوم التالي بالإمام وقلت له: إنّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لصاحبه أبي بكر في غار حراء:" لا تحزن إنَّ الله معنا"، كان هذا الحديث موجهاً لأبي بكر الصديق، والطَّمْأنـة في هذا المقام تشمل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر رضي الله عنه، ولا تشمل غيرهما. فكيف أجـزْتَ لنفسك بأن تُسقط الحديث النبوي علىينا في هذا الزمان، وعلى أحداث بيت المقدس؟. ثم أنك بشّـرْت العرب والمسلمين بالنصر وأنه قادم وقريب لأننا مسلمون؟.
أجابني العالم الذي أجازت له وزارة الأوقاف أنْ يرتقي منبر رسول الله ويُـثـقِّـف المسلمين قائلاً: أتريد مني أنْ أقول للمصلين بأننا مهزومون؟!. أجبته لا. لكن أريـد أنْ تشرح لهم أسباب النصر وأسباب الهزيمة من خلال القرآن والسنة. والرسول في قوله: لا تحزن إنّ الله معنا ما قصد أبداً غيره وغير أبي بكر، ولا يجوز لنا انْ نُـحرّف قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نُـشجِّع الناس على التخاذل والإسترخاء، تاركين أمر تحرير فلسطين لله تعالى، والله يقول لنا في محكم كتابه:" وأعـدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم". فإعداد العدة بأسلحة حديثة،وإعداد الجيوش المقاتلة ، إضافة للإيمان هما سبيل النصر. لكن الإمام العالم لم يعجبْه كلامي، فأصرّ في جمعة لاحقة في خطبة له على أن الأسلحة والعدة والجيوش لا تنصرنا، بل ينصرنا الإيمان وحده.
لكنْ ما دام إيمان صحابة رسول الله الذي استوجب نزول الملائكة في معركة بـدر لتقاتل مع المسلمين غير موجود في هذه الأيام ، فمن أيـن يـأتـيـنـا النصر يا سماحة الشيخ؟!. ما بقي لدينا إلاّ الإعداد والإستعداد العسكري والمدني وبناء المصانع والمزارع ومؤسسات البحث العلمي، وبناء اقـتـصـاد قـوي بعد التوكل على الله.
إنّ الإسلام دين العمل والقوة والبناء والعـزة، والأخذ بالأسباب، لذلك قال سيدنا عمر بن الخطاب : إنّ السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. إنّ الشيخ يدعو إلى التـواكـل والإسلام عدو لدود للتواكل، والرسول الكريم يقول:" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".
وبـنـاءً عليه فإنّ إعداد العلماء المتـنـوريـن والمتبحِّرين في علم الشريعة أصبح واجباً على الدولة وعلى وزارة الأوقاف، حتى نطمئن جميعاً على أبنائنا وعلى الأجيال القادمة ، كي لا تقع في فـخ التطرف الأحمق. فبمثل عِـلْـم الشيخ الذي نحن بصدد الحديث عنه، لا نستطيع أنْ نقارع الخوارج الجدد كـداعش وأخواتها، وبه وبأمثاله لا نستطيع أنْ نـدحـض ادعاءات الخوارج المتطرفين الذين كَـذَبـوا على الله، وكَـذبوا على رسول الله فيما ادّعـوه. ولـنـتـق الله بمنبـر رسول الله منبر الحق والمعرفة. ليس مستغرباً أن سماحة الشيخ لمْ يتعرض في أيٍّ من خطبه إلى ما تعاني منه الأمـة من الخوارج الضالين المضلين، ولم يُـفَـقِّـه الناس يـوماً في حقيقة وضلال هذه الـفـئـة الباغـيـة.