بين المئة الأولى من أكرم دول العالم وصلت 5 دول عربية فقط الى مراتب متاخرة نسبيا – لكن المهم وصلت- وكانت الأردن الأكثر تأخرا بينها، حيث حصلت على الدرجة 99. وكان المعيار لهذه الإحصائية هو نسبة التبرع الى المصابين بالكوارث العالمية، وما شابه ذلك من المعايير التي تدور حول الجود بالمال وغيره في سبيل التخفيف عن الاخرين.
قد يقول قائل، اننا لا نملك مالا في الأصل حتى نجود به، لكني اقول ان القضية نسبية ولم تكن كمية المال هي المقياس الأساسي، بدليل ان امريكا تقاسمت المنصب الأول مع مانيمار. ولا ننسى ان هناك دولا عربية ثرية وتصرف بتفريط، لكن ليس على التبرع لقضايا انسانية، الغريب ان الأولى بين العرب في التبرع الانساني، كانت مصر.
ما علينا... نحن نعاني من ما يمكن ان أسميها متلازمة ضعف المسؤولية الاجتماعية، ولعلي استطيع ان ألخصها بطرفة رواها الجاحظ عن اهل مرو او عن غيرها.
تقول ان ابناء القرية اتفقوا على ان يوضع زير على باب قريتهم، ويضع فيه كل واحد من ابناء القرية كوبا من الحليب ، حتى يرتوي الغرباء.
صباح اليوم التالي، لما فتح اول الغرباء الزير، اكتشف انه مملوء ماء ، مع انه مكتوب عليه (حليب سبيل).
وتبين بعد التحقفيقات الأوليه، ان كل واحد من ابناء القرية قال في نفسه ما معناه: ما دام الأخرون يضعون الحليب ، فلماذا لا اضع كوب ماء فقط فيختفي بينها. المشكلة ان جميع ابناء القرية فكروا بذات الطريقة.. فامتلأ الزير ماء.
في الواقع فإن مسؤليتنا الاجتماعية (سكّر خفيف)، داخل دولتنا وبين اخوتنا واقاربنا وابناء جلدتنا وبلدتنا، فكيف نصل الى التفكير بالمسؤؤولية الإجتماعية العالمية؟
-صحيح اننا ننشد كل يوم اغاني في حب الوطن، وفي التغني بامجاده والرغبة في الموت في سبيله..لكن كل واحد منا - والإستثناءات نادرة- يطلب من الآخرين ان يفعلوا ذلك بينما هو يغني وينشد ..تماما كواقعة الزيرآنفة الذكر.
-ندعو لصلة الرحم والقربى الأولى بالمعروف .....لكننا ندعو الأخرين.
-«ع حسابك» و"خلّيها علينا» وما شابهها من عبارات تتكرر ملاين المرات يوميا .. لكن لا نحن نقصدها ولا الآخر الذي نوجهها اليه يصدقها ..انها كلام في كلام في كلام.
-لا نفعل الخير للآخرين الا لنجعله دعاية واستعراضا لنا ، وليس بسبب موقف انساني عميق . ومن يرى صور الأيتام والفقراء والطلبة المحتاجين، في وسائل الإعلام، وهم يتسلمون العطايا ، ونحن نبتسم ب(انسانية) قربهم، يدرك ذلك.
-هل حاتم الطائي عربي؟
-هل تبرع بإبله ام بإبل قبيلته؟
-هل ذبح فرسه في سبيل الكرم ام في سبيل الشهرة؟
الدستور