-1-
لا أحد يريد الانتفاضة، سوى تلكم الشباب والشابات الذين يستهويهم الصعود إلى السماء، لينعم من في الأرض ببعض كبرياء ورضا نفسي!
علماء نفس ومحللون وبحاثة وكتاب يعكفون على تفسير ظاهرة إقدام فتية صغار وأطفال على التضحية بأنفسهم، فقط من أجل إيقاع ولو اذى بسيط بمستوطن، أو جندي محتل، بطعنة أو حجر أو دهس، هم يعرفون أن مصيرهم الموت، سواء بالإعدام الميداني والتصفية الجسدية، أو الموت بالتقسيط غير المريح في غرف التحقيق والتعذيب، ونزع الاعترافات والروح شيئا فشيئا، ومع هذا لا يكفون عن المحاولة، تماما كالفراش الذي يلقي نفسه على الضوء..
في لقاء نتنياهو-أوباما الأخير أملى مستشارو الرئيس على زائرهم بضع تصريحات عابثة، (كدعم حل الدولتين المستحيل مثلا، وإبداء مبادرات تخفيفية تجاه حياة الفلسطينيين، وتحقيق المساواة مع عرب فلسطين المحتلة عام 1948، كله كلام في كلام!) فقط من أجل الخداع واستمرار الدعم اللامحدود للمشروع الصهيوني، لم يتم التطرق الحديث عما يجري في فلسطين الآن، هذا ليس مهما، في غير لقاء وفي أكثر من محفل عربي، يتم التطرق إلى الانتفاضة بوصفها تشويشا على الحرب في اليمن، سوريا، وليبيا، وربما العراق، فضلا عن مواجهة إيران . بعض الدول ترى فيها مدعاة لزعزعة الأوضاع الداخلية لها، لهذا، هم يمسكون بخناق التنسيق الأمني، فهو ترياق إبقائها «تحت السيطرة» وعدم تحولها إلى ثورة شعبية، لا وقت للنظام العربي أو الدولي للثورات، ثمة وقت لمحاربة «الإسلام السياسي» وتصفية «الإرهاب» ووقف التمدد الإيراني، وتحجيم أردوغان وعرقلة خططه لتطوير تركيا، و..سواها من قضايا، أما فلسطين، وثورة أهلها، والأرض التي تُسحب من تحت أقدامهم، فلا مكان لها في «الأجندة» وربما غاب عن أذهان الباحثين عن الدافع الذي يحرك أولئك الفتية، أن هذا هو السبب الحقيقي والمباشر لتسابقهم للصعود إلى السماء!
-2-
يقول نتنياهو في الولايات المتحدة، إن مسألة القدس والحرم ليست قابلة للحل، وقال قبل هذا، أن «قدرهم» أن يعيشوا متكئين على السيف، حسنا، وقال أيضا، أن السبب في أنه لا يوجد شريك فلسطيني للسلام مع اسرائيل هو أن الأخيرين غير مستعدين للاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي، غير مستعدين لأن ينهوا مرة واحدة والى الأبد النزاع ولا يريدون أن يتنازلوا عن حلم العودة الى عكا، حيفا ويافا. «انهم غير مستعدين لان يتنازلوا عن حلم إقامة دولة فلسطينية – ليس الى جانب دولة اسرائيل، بل في محلها..هم لا يزالون يعلمون اطفالهم على كراهية اليهود، أن يروا في اسرائيل كيانا استعماريا، امبرياليا، مصدرا لكل شر».
كم هو صادق، وهو الكاذب دوما.
-3-
ولهذا..
لن يتوقف فتية فلسطين، حتى من هم في مرحلة التكوين الجنيني، عن الحلم بالعودة، والصعود إلى السماء، بحثا عن عدالة مطلقة، وسيبقى المحتل متكئا على سيفه، حتى ينغرس في خاصرته، ويموت!
الدستور