من جديد، ما كان يجب لعمان ان تكبر وتتسع إلى هذا الحد، ولو ظلت عمان مدينة الجبال السبعة وحسب، لكانت اليوم أجمل , ولكانت إدارتها المدنية أسهل وأيسر وأقل كلفة، خاصة لو بقيت أراضيها الزراعية كما هي في دابوق وخلدا وابوعلندا والقويسمة والجبيهة والجويدة والطيبة وغيرها كثير، ولما كانت " شتوة " ساعتين سببا في شقائها عندما تتكفل تلك الاراضي الزراعية بإستيعاب كل المطر , لكن عمان من حدها إلى حدها صارت بلاطة واحدة متصلة وذات انحدارات شديدة لا تستوعب مطر ساعتين معا.
بصراحة، كان على من خططوا منذ عقود الذهاب لبناء مدن أخرى شرق عمان وبعيدا عنها في عمق البادية الاردنية لإستيعاب الكثير من السكان والخدمات اللازمة لهم، لا أن يلقى بالحمل كله على عمان وحدها، وقد غدت هي الاردن كله تقريبا وعلى نحو يصعب معه منطقيا وموضوعيا توجيه اللوم إلى أمانتها وأمينها عند كل حادثة تعجز البنية التحية لعمان عن إستيعابها.
مؤكد ان أمين عمان السيد عقل بلتاجي يتمنى لو ان بمقدوره تحويل عمان إلى جنة وادعة جميلة من جنان الارض، ولكن , فما باليد حيلة امام هذا الطوفان البشري والعمراني الهائل الذي لا مواءمة ابدا بينه وبين إمكانات عمان المادية والجغرافية التي تحيلها إلى بحر هادر في غضون ساعة مطر واحده.
لو كان لي القرار لأوقفت ترخيص المزيد من المباني والخدمات والمرافق الجديدة في عمان , ولوجهت ذلك كله شرقا وبعيدا عن سوار عمان الحالي وقد بلغ مداه السلط واطراف جرش ومادبا , وهي حواضر قد يأتي من يفكر في زمن ما لإعتبارها ضمن حدود عمان الكبرى.
ليس العيب في الامانة وكادرها وإنما هو في التخطيط غير الاستراتيجي على مستوى الدولة كلها , وهو تخطيط عمل على تكبير حدود المدن الاردنية كافة تحت مسمى البلديات الكبرى لنجد انفسنا بعد حين امام إنفلات عمراني مجمع ضمن مناطق جغرافية محددة مع ما يرافق ذلك من صعوبات جمة في الادارة والتشغيل وإدامة الأمن في بلد يقول وزير فيه ان هناك طلبة من خمس وثمانين جنسية في مدارسه.
مرت "شتوة" الخميس وقد تتجدد وعندها سيصب الكثيرون جام غضبهم على الامانة وامينها المغلوب على أمره , بحثا عن كبش فداء جديد لأخطاء جسيمة إرتكبها مخططون سياسيون وإقتصاديون على مستوى الدولة منذ وقت طويل , وأفقدوا عمان رونق جمالها التاريخي لو تركوها مدينة وادعة ذات خصوصيات سياسية أكثر منها في أي إتجاه آخر . والله من وراء القصد