بوتين في سوريا .. اختراق أم ورطة ؟
رجا طلب
09-11-2015 11:24 PM
شارف التدخل العسكري الروسي في سوريا على دخول شهره الثاني، ولم يكن هذا التدخل للكثير من المراقبين مفاجئا بل كان متوقعا في ظل غياب واضح ومريب للولايات المتحدة في الأزمة السورية منذ بداياتها في عام 2011 والى الآن .
الأسباب الرئيسية التي أغرت بوتين للتدخل في سوريا ما يلي :
أولا : المحافظة على الوجود العسكري الروسي في طرطوس وتعظيمه في ظل ضعف واضح اخذ يعتري بشار الأسد ونظامه، وفي ظل عجز واضح أيضا لإيران وتوابعها من حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية في حسم المواجهة في الميدان لصالح النظام بعد أربع سنوات من الاقتتال بات فيها النظام لا يسيطر إلا على عشرين بالمائة من ارض الدولة السورية .
ثانيا : الإسراع في إمساك سوريا ونظامها السياسي ورئيسها الضعيف وتحويلهم إلى ورقة سياسية قبل أن تحكم إيران قبضتها الخانقة على رقبة بشار الأسد وعائلته وطائفته، بحيث تكون موسكو بهذه الورقة قادرة على ابتزاز كل دول جوار سوريا وبخاصة تركيا وإسرائيل، وكذلك ابتزاز واشنطن ومساومتها على العقوبات التي لحقت بها جراء أزمة أوكرانيا واحتلال القرم .
ثالثا : ابتزاز النظام السياسي الحالي أو أي نظام سياسي قادم في سوريا من خلال إما مشاركته في نسبة معينة من الغاز المكتشف قبالة الساحل السوري والذي يصل مخزونه إلى أكثر من 2 تريليون متر مكعب، أو احتكار شراء هذا الغاز من روسيا وبأسعار منخفضة للغاية ولعقد او اكثر من الزمن، و«هناك معلومات تتحدث عن أن كلف التدخل الروسي في سوريا ستدفع من استخراج الغاز السوري الذي سوف تسعره روسيا وتضخه للسوق العالمي، كدين على سوريا» .
ولكن بعد شهر من عمر التدخل الروسي في سوريا ما هي النتائج وما هي الكلف وما هي آفاق المستقبل لهذا التدخل ؟
في لغة الأرقام نستطيع القول ما يلي :
أولا : كان شهر أكتوبر الماضي أي مع التدخل الروسي أكثر الشهور خسارة للنظام وداعميه من ايران وميليشياتها حيث تشير الأرقام إلى أن النظام خسر اكبر عدد من دباباته منذ تفجر الثورة ضده في معارك الاخيرة، وبلغ العدد 123 دبابة من الدبابات ذات الصنع الروسي او السوفياتي سابقا، وكلها أعطبت عبر صاروخ «تاو الاميركي» الذي دخل المعركة مباشرة مع التدخل الروسي .
ثانيا : وبحسب نائبة رئيس شركة ستراتفورد المتخصصة في الاستخبارات الجيوسياسية ( ريفا بهالا )، فإن موسكو لن تتحمل نفقات العمليات العسكرية في سوريا لأكثر من أربعة أشهر، حيث قدرت كلفة الطلعات الجوية والغارات التي تشنها الطائرات الروسية على معاقل التنظيمات الارهابية بنحو مليوني دولار يومياً، أي أن كلفة العملية الروسية التي تشمل شن الغارات الجوية، وإطلاق الصواريخ بالإضافة الى تحديث القواعد العسكرية الروسية على الاراضي السورية قد تصل الى نحو 770 مليون دولار خلال مدة أربعة أشهر من إطلاق العملية العسكرية، اي بحلول نهاية شهر كانون الثاني 2016.
في الخلاصة فان مأزق بوتين الان يتلخص في بعدين ميدانيين :
الاول : هو تناقضه العسكري مع ايران وقوات قاسم سليماني حيث يعلن هذا الاخير انه يقود ما يسميه الجهاد في سوريا بامر من «الولي الفقيه» ومن اجل بقاء الاسد، وعلينا ان لا نتفاجأ ان حدث صدام عسكري بين الطرفين .
ثانيا : واشنطن لن تسمح له بالانتصار، فبعد ان قدمت صواريخ «تاو» ضد الدروع الروسية، فانها ستقدم صواريخ الكتف «ستنغر» المضاد للطائرات، وهي الصواريخ التي غيرت شكل المعادلة الميدانية في افغانستان في نهاية التسعينات من القرن الماضي .
.. «القيصر بوتين»، اذا لم ينجز حلا سياسيا سريعا ينهي وجود الاسد وبعض اركان نظامه، فسوف يغرق في رمال شرقية وجميلة ولكنها قاتلة اكثر من وعورة جبال افغانستان !
Rajatalab5@gmail.com
الرأي