يا صاحب الجلالة تعال متخفيا وأنظر ماذا يصنعون
07-06-2008 03:00 AM
أتذكرون حين كان صاحب الجلالة الملك يتجول بين مؤسسات الدولة متخفيا هنا وهناك ؟؟
كل وزير وكل مدير كان يضع يده على قلبه أن يكون الملك بين طوابير المراجعين في دائرته , فأطلق كثير من المدراء جواسيسهم بين المكاتب يتفحصون وجوه المراجعين لعلهم يتعرفون على شخصية الملك فيقومون بخدمته كمراجع حتى يظن بهم خيرا ويثني على أدائهم .
حينها دب التواضع وانتشر بين الوزراء والمدراء وبدأ المراجعون يشعرون باحترامهم وتغير في طريقة معاملتهم , ولكن حليمة لابد أن تعود الى عادتها القديمة ولو بعد حين !! .
عد اليهم يا سيدنا متخفيا وأنظر ماذا يصنعون , أحمل بيدك الكريمة معاملة بسيطة لترى كم هو عدد السماسرة الذين يتلقفون الناس عند أبواب دوائر الترخيص والاراضي , حاول أن تطلب معاملة من قسم الى قسم سواء في الدوائر الخدماتية أو في المحاكم وأنظر ان كنت تستطيع أن تنقلها بدون أن تضع خمسة دنانير في يد ( المراسل ) والا ستبقى معاملتك ملقاة حتى تمل وتدفع .
وأنظر يا مولاي كيف يقف مواطن بمعاملة فيرفضونها ويأتي أخر بمثلها مع الواسطة فيستقبلونه بفنجان القهوة ريثما تنجز معاملته !! وأنظر كيف يقف الفقير بباب المدير ذليلا بينما يدخل الغني ويجلس واضعا رجلا فوق رجل والجميع في خدمته .
أنظر يا سيدي الى مواطن عادي ان كان يستطيع مقابلة وزير أو مدير شاكيا أو باكيا متظلما دون أن يتلقفه أولا موظفو الامن ثم حشد السكرتيرات في سين وجيم والجواب في النهاية أن معاليه أو عطوفته في أجتماع ,, تلك الاجتماعات التي لاتنتهي طوال العام ؟؟ ولايتكرم الذوات أصحاب المعالي والعطوفة بالنزول الى مكاتب الموظفين لمراقبة أداءهم ومخالطة المراجعين وسماع شكاواهم ناهيك عن أستحالة النزول الى الميدان في المدن والقرى حيث النسيان والعذاب , انهم مشغولون يامولاي في أجتماعات التخطيط وشرب القهوة وطق الحنك مع الضيوف والسكرتيرات .
سيدنا يجد الوقت الكافي ليتفقد أحوال الناس في البوادي والارياف أما أولئك فوقتهم أثمن من أضاعته بين الفلاحين والفقراء الجهلة الاميين .
انني أجزم أن مكاتب معظم كبار المسؤولين في الدولة أفخم من مكاتب كبار المسؤولين في الديوان الملكي , وأن هناك بين المسؤولين من مكاتبهم أوسع وأفخم أثاثا ورفاهية من مكاتب جلالة الملك التي يستقبل فيها ضيوف المملكة , وأن منهم من يحتشد على بابه من الخدم والسكرتاريا ما لانرى ربعه في دوائر الديوان الملكي العامر , وسياراتهم أفخم وأحدث من سيارات الديوان الملكي , وكل ذلك على حساب الشعب الذي يكتوي بنار الغلاء والفساد .
لم يعد كبار رجال الدولة والادارة يخافون سطوة السلطة العليا وعقابها لأنهم يعتبرون التسامح تغاضيا وهدر المال العام ومصالح الدولة مجرد أجتهاد في القرار , والخطأ قضية تقديرية تحتمل التفسير ,, وحتى بيع الوطن يعتبرونه مصلحة عامة .
يا سيد البلاد أمد الله في عمرك وأعز ملكك خذ سوطك وأفعل كما فعل أبن الخطاب بابن العاص فمثل هؤلاء لاينفع معهم قانون ولا قسم دستوري ولا محاكم أو قضاء .