"العدالة والتنمية" يستعيد الأغلبية في تركيا
د. هايل ودعان الدعجة
09-11-2015 04:11 AM
بعد فشل أي من الأحزاب التركية وتحديدا حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية المطلقة، التي تؤهله لتشكيل الحكومة في الانتخابات التشريعية التي جرت حزيران الماضي، ومن ثم الفشل في التوافق على تشكيل حكومة ائتلافية، نتيجة الخلافات والأجواء المشحونة ما بين هذه الأحزاب والتي وصلت درجة العداوة، لجأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية، الذي كان يفضل اجراء جولة انتخابية جديدة، الى ممارسة صلاحيته الدستورية في الدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة، اسفرت عن استعادة حزبه للاغلبية المطلقة وتشكيل الحكومة منفردا، ما يشبه المغامرة على مستقبله ومستقبل حزبه السياسي، في ظل ما روجه البعض عن تراجع شعبية حزب العدالة استنادا إلى نتائج انتخابات حزيران الماضي.
الا انه كسب الرهان عندما نجح في حشد مناصريه وحفزهم على المشاركة والتوجه لصناديق الاقتراع خوفا على زعزعة الاستقرار في تركيا، وبعد التراخي الذي اصابهم في الانتخابات الماضية نتيجة اطمئنانهم على احتفاظ حزبهم بالسلطة منذ عام 2002 . حتى ان الكثير من مناصري الأحزاب الأخرى صوتوا لحزب العدالة والتنمية، بعد ان شاهدوا النجاحات والإنجازات الاقتصادية والتنموية النوعية التي حققها بلدهم في عهد الحكومات التي شكلها هذا الحزب. كذلك فانهم لا يريدون اغراق بلادهم بفوضى الفراغ الحكومي او الحكومات الائتلافية الهشة والضعيفة، وغير المستقرة في ظل ما يعرفونه من تضارب في المصالح والاهداف بين حزب العدالة من جهة والأحزاب المنافسة الأخرى ( حزب الشعب الاشتراكي وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي) ومن ثم صعوبة الوصول الى تفاهمات او توافقات او قواسم فكرية او برامجية بينها، يمكن للحكومة الائتلافية التعاطي معها كأطر او سياسات عامة ما يعني النظر الى حزب العدالة والتنمية كحام لاستقرار تركيا، ومنقذها من الازمات السياسية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية . لا بل وجعلها من اقوى اقتصاديات العالم، حتى انها تفوقت على الكثير من الدول المتقدمة وتحديدا الدول الأوروبية.
ان هناك الكثير من التحديات التي فرضت نفسها على المشهد التركي، نتيجة التطورات والاحداث التي يعيشها الإقليم، شكلت أسبابا كافية لترجيح كفة العدالة والتنمية على بقية الاحزاب، كاستئناف المعارك مع حزب العمال الكردستاني وتوقف مباحثات السلام التي بدأت معه قبل ثلاث سنوات والمسألة الكردية بشكل عام، والخوف من بروز الحركات الانفصالية او اثارة المشاعر الانفصالية لدى الاكراد، وبالتالي تهديد الامن القومي التركي، وكذلك الخوف من تداعيات ملف الازمة السورية على تركيا من حيث اللاجئين السوريين وخطر الجماعات الإرهابية، إضافة الى التفجيرات الارهابية التي وقعت داخل الأراضي التركية .
ان النجاح الكبير واللافت الذي حققه حزب العدالة والتنمية، يؤشر الى توجه اغلبية الشارع التركي نحو حسم مسألة الحكومة الانتقالية المؤقتة القائمة، لجهة وجود حكومة قوية مستقرة قادرة على التعاطي مع ما يشهده الإقليم من احداث وتطورات لها تداعياتها وتأثيراتها على المشهد التركي كالتدخل العسكري الروسي في سوريا، وما ترتب عليه من تحركات وتحالفات جديدة يصعب تفسيرها، وبطريقة قد تؤدي الى تغيير قواعد اللعبة وموازين القوى في المنطقة ربما على حساب تركيا، كالتحالف الروسي الايراني العراقي السوري، والتقارب الروسي الإيراني، والتقارب الأميركي الإيراني وعدم فهم حقيقة الموقف الأميركي من ملف الازمة السورية في ظل تغير الاستراتيجية الأميركية في المنطقة. ما يحتم على تركيا حسم مسألة تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لتتمكن من إدارة الملفات الخارجية وما تنطوي عليه من تحديات ومخاطر قد تهدد مصالحها القومية.
الرأي