"راكان قطيشات" يرّد الحمل لا كان مايل
د. محمد عبدالكريم الزيود
08-11-2015 12:28 PM
في زمن جيل السوشل ميديا والستاربكس وفي زمن الفاست فود والسمارت فونز والبناطيل الساحلة ..
في زمن خشينا أن يضيع جيل بأكمله لا يعرف للشجاعة عنواناً ولا للمروءة درباً...
في زمن صارت الفتاة تركب الباص على "الواقف" والشباب جالسين ينبصّون حواجبهم ولا يتحرك بهم شيء لا نخوة ولا عرق حياء.... في زمن نبكي على قيم ضاعت تربى عليها جيل الآباء وأصبح الأبناء يرونها رجعية وعلموا أن البطولة فقط في أفلام الآكشن ...
يأتي راكان القطيشات وجه من وجوه بلدي حرقته شمس الوطن وشبّ على الطوق فتى أردنيا "به سمرة تغوي البنات".. جاء ليعيد لنا زمنا أردنيا جميلا وأن بلدنا ما زالت زاخرة بقصص التضحية والفداء وأنه من سلالة الطين والطيب الأردني التي خرجت فرسانا وشهداء...
راكان يعمل في محل "دواجن " ولا يعرف أضواء كاميرات الفضائيات ولا يعرف مايكروفونات إذاعات الغنج اللبناني الذين تسابقوا إليه ليكسبوا جمهورا جديدا في إعلاناتهم...
راكان يعرف أنه تربى على قيم الشجاعة والشهامة والنخوة وهبّ مع صحبه لانقاذ عائلة حاصرتها المياة وتسلّق الشباك رغم خطورة تدفق المياة ولم يحسب للموت أنه قادم .. لم يكتف بالجلوس بمحله ويلعب على هاتفه وينتقد الحكومة ويمارس دور البطولة الفيس بوكية..
راكان لم يخيب ظن والديه وجيرانه وبلده.. لم يدرس في الجامعة ولم يشارك في "ورشات عمل" السفارات ولا يعرف "تشاركية الشباب والعمل التطوعي" لأنهما ببساطة مغروستان في دمه منذ أن ارضعته أمه حليبا طاهرا .. هو فقط يجيد ذبح الدجاج في دكانه بعرق يديه راضيا مبسوطا رغم وجع الحاجة..
راكان هو مثلنا أردني بسيط ... وجه يشبهنا فقرا وعزة وإباء لا يقبل الضيم ولا يصمّ أذنيه عن صريخ امرأة حاله حال كل الأردنيين وشهدائه الذين أسلموا الروح مخافة أن يتقوّل قائل عليهم يوما أنهم خافوا الموت..
راكان يا نسل وصفي ومعاذ وخضر شكري.. أعدت بعضا من كرامتنا و من ثقتنا.. ولوددت أن تكرّم في وسط البلد حيث الفقراء مثلك.. لأنك لا تتقن إرتداء ربطات الزيف.. ولا تجيد إتيكيت الكذب ومجاملات عطر السكرتيرات وكلام سادتهن..
رأيتك البارحة تهرب عيونك خجلا من الكاميرا ولم تنتق كلامك وخانتك لغتك.. أما هؤلاء المسؤولون فيكفيك أنك عريتهم ولو لبسوا كل كذب الدنيا..
راكان كثّر الله من أمثالك .. يا بقية أهلنا الطيبين ويا "ريحة هلي" ....