220 أسرة أردنية في مهب الريح !!!
06-06-2008 03:00 AM
قد يرى البعض بأن عنوان مقالي هذا خاص بزلزال ضرب إحدى مدننا الأردنية الحبيبة لا سمح الله .. أو يرون بأنه يتحدث عن تشرد مواطنين أردنيين تعرضت منازلهم لفياضانات وانهيارات لا قدر الله. ولكن ما حدث لا يقل بشاعة .. فهو زلزال ضرب إعلامنا الأردني ومن يعمل به من الشرفاء ! ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال ولكني وجدت نفسي عاجزا عن السكوت أكثر من ذلك . فالساكت عن الحق شيطان أخرس . ولن أكون كذلك !
بدأت المأساة في الأول من أغسطس الماضي عندما تم إجهاض حلم عاشه أكثر من 300 موظف أردني جمعهم بيت واحد . نصف ساعة فقط أبعدتهم جميها عن هذا الحلم ليصبح في مهب الريح ! حيث كانت القناة ستحمل معها أخبارا سارة لكل أردني محب لهذا الوطن الذي نعيش فوق ترابه ونحبه ونخلص له .. ولكن فجأة توقفت الإشارة . في إشارة لتدخلات حرمتنا جميعا من تحقيق هذا الحلم كان هذا كله بع مشاكل عدة أجلت الانطلاقة المنتظرة هذه .
نخبة من أبرز الإعلاميين الأردنيين ممن عملوا في قنوات عربية رائدة منها الجزيرة والعربية وشبكة راديو وتلفزيون العرب وغيرها من القنوات وجدوا أنفسهم ضحية لمؤامرة إن صح التعبير لم يفقدوا من خلالها طموحهم في هذه القناة فحسب وإنما أيضا خسروا الكثير فوق ذلك كله . فبعد العمل والمثابرة لما يقارب العامين لمعظمهم باتوا الآن يبحثون عن فرصة بديلة ! أنا أتحدث هنا عن الذين يمتلكون خبرة منهم ولكن كيف لو تحدثت عن زملاء كانت ATV تمثل مشروعهم الأول .
يشهد الله أنني لم أكن في يوم من الأيام من محبي التقرب من الإدارة سواءا في ATV أو في أي قناة عملت بها قبل ذلك وهذا شيء معروف عني والحمد لله ولم ولن أكن من محبي الجلوس في مكاتب المدراء . وكنت سأكتب هذا المقال حتى لو أنني كنت ما زلت موظفا في القناة . ولكن تراكم المصائب التي تحل على العاملين في هذه القناة وهم جميعا إخوة وزملاء أعزاء وطلب البعض منهم أن أقوم بطرح قضيتهم التي لم تعد خفية على الجميع هما ما دفعاني للتحدث باسم عدد منهم . من شاهد مبنى القناة من الخارج يشعر بأن هذه القناة لن تقل شئنا عن أي قناة عربية هادفة وطموحة حتى وإن ألقى نظرة بسيطة جدا على القناة من الداخل في عز عطاء العاملين بها لكان استنتج وبكل بساطة أن صرحا إعلاميا أردنيا سيخرج ويرى النور ويضرب بقوة بين الفضائيات العربية .
إن أحدا لا يعرف حتى الآن ماذا جرى وماذا سيجري وما أسباب ما حدث ومن هو مالك القناة ! ومتى ستصرف الرواتب وما هي خطط القناة .. وهنا أتحدث عن الموظفين الغلبانين والمغلوب على أمرهم في القناة إن صح أن نسميها قناة ! فهي لم تعد كذلك حيث أنها أصبحت مكانا لتجمع ما يزيد عن ال 200 موظف يوميا يتحدثون في كل شيء سوى موعد انطلاق القناة ! لم أقبل على نفسي أن أستمر في هذه المهزلة وأن أكون جزءا من جريمة تعصف بنا في القناة فآثرت على نفسي الانسحاب بهدوء مع الدفعة الأولى ممن تركوا القناة واسمحوا لي ان أسميها مؤسسة لأنها الآن بعيدة كل البعد عن كلمة قناة . انسحبت واعترفت بالهزيمة وبأن المغامرة التي قلت عنها في إحدى المقابلات معي في يوم من الأيام عبر صحيفة الغد الأردنية بأنها محسوبة ! ولكن قدر الله وما شاء فعل فكثيرا ما تؤدي النكبات إلى ولادة نجاحات كبيرة . وهنا أطلب من القراء الأعزاء الدخول للرابط التالي ليعرفوا كيف كانت سعادتي لانضمامي لهذه المؤسسة متخليا عن عملي في أهم قناة رياضية عربية :
http://www.alghad.jo/?news=132286
من يقرأ ما كتب في المقابلة يشعر بأن شيئا جبارا سيرى النور قريبا . ولكن هذا ما لم يحدث ولا أظن بأنه سيحدث في ظل الغموض المؤلم الذي يحل بهذه المؤسسة . ومهما توالت الإدارات في القناة فإنني كلي يقين بأن المشاكل لن ولن ولن تحل دون الوقوف على أسباب المآسي السابقة التي ضربت بالقناة وما زالت تضرب بها !
لن أتحدث عن نفسي الآن ولكني سأتحدث عن زملاء مازالوا يعيشون هذه المأساة ومنهم من هو غير قادر على تأمين قيمة "البنزين" للقدوم بسيارته للعمل . ومنهم أيضا من تعذر عليه دفع أجار منزله او الأقساط الدراسية لأبنائه ! فوجد بعضهم أنفهم يضطرون للعيش في منازل أقربائهم . والتناقض الغريب أن من العاملين في المؤسسة من يتقاضى راتبا خياليا يعادل راتب ما يزيد عن 12 موظفا في القناة ولا يهمه شيء ! حتى وإن تأخر راتبه فبالنسبة له راتب شهر واحد يكفيه ليعيش مطمئنا لأشهر لاحقة . وأنا أتحدث هنا عن موظفين في القناة لا يملكون أي شيء في سيرتهم الذاتية بل إنهم لم يكونوا علامة فارقة في قنواتهم السابقة ! ولكن هذا هو حال الدنيا ! العدالة شيء نفتقده في كثير من الأحيان !
هناك عدد من الزملاء الذي أكن لهم كل الاحترام وأحييهم على مواقفهم ممن وجدوا فرصة بديلة ولو للعمل بنظام القطعة لكي يضمنوا الحياة الكريمة وتأمين لقمة العيش التي باتت صعبة وللأسف الشديد في بلد ديموقراطي مثل الأردن في ظل ضرب الإعلام الحر بيد من حديد !
المشروع الذي أجهض حتى الآن لم تعرف أسباب إجهاضه والخفايا التي رافقته ! وصدقوني بأن من يدافعون عن القناة حتى اهذه اللجظة هم من أصحاب الرواتب الخيالة التي أطاحت بالقناة وسببت لها العوائق المادية الكبيرة ! ومازالوا يهتفون باسم إدارتها التي تكيل بمكيالين في تعاملها مع الموظفين . ففي الوقت الذي يمنح عدد من الموظفين إجازات طويلة الأمد يقف آخرون عاجزين عن اخذ الموافقة على إجازة ولو لشهر لترتيب أمورهم المادية ! للأسف كانت هذه المؤسسة ومازالت مقرا للتسلية ونشر الأقاويل هنا وهناك ! وشرب القهوة والشاي والتدخين وتصفح الإنترنت من فيس بوك ويو تيوب وغيره ! ولن ألومهم على ذلك على الإطلاق بل إن هذه نتيجة طبيعية لمسرحية هزلية كان أبطالها الحقيقيون هم أول من تخلوا عنها ! وكانوا هم مجرد أداة للتلاعب بهم وبمستقبلهم وطموحهم ! وكثيرا ما طالب عدد منهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة بعمل اضراب أو اعتصام أمام الجهات المعنية ولكن البقية كانوا أول من حاربهم .. فأين هم الآن مما يحدث من جرائم بحقهم ؟! على الجهات المعنية تحمل مسؤولياتها انجاه هؤلاء الموظفين فهم أولا وأخيرا أبناء لهذا الوطن المعطاء . وعليهم جميعا الوقوف إلى جانبهم وحل مشاكلهم المادية قبل كل شيء !
كنت قد جلست مع أحد المسؤولين في بنك أردني مرموقة وقال لي بالحرف الواحد .. بعد المشاكل التي أصبحت تواجهنا بسبب هذه القناة فإننا قمنا بفتح ملف خاص لموظفيها ممن تتراكمت عليهم الأقساط والديون للبنك ! فمن يتحمل المسؤولية عن كل ما جرى ؟
أعلم وكلي يقين وأقولها ألف مرة بأن قناة أردنية خاصة هادفة لن ترى النور في العاجل القريب ! حتى وإن انتقلت ملكية هذه القناة لمن هو قادر على حل مشاكلها المادية فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن القناة ستنطلق في أقل من سنة ! لأن أمورا عدة يجب على مالكها الجديد حلها قبل كل شيء ومنها دفع مستحقات من تركوا وأظن بان العدد زاد عن 100 موظف ومنهم من استقال منذ ما يزيد عن الستة شهور ! وعى المالك الجديد أن يعرف بأن امتلاك قناة لديها هذا الكم من الموظفين ليس شيئا سهلا ! فتحويل الرواتب له الأولوية قبل كل شيء لأن الموظف عندما يكون مرتاحا ماديا فإنه سيكون حينها قادرا على الإبداع ! إن ظلت هناك رغبة للإبداع لدى العاملين في هذه المؤسسة ! هناك موظفون في هذه المؤسسة أعضاء في نقابة الصحفيين الأردنيين ! ولكن أين نقابتهم عنهم ؟! لماذا لا تدافع هذه النقابة التي طالما نادت بالحريات عنهم ؟! لماذا لا يخرج أي مسؤول أردني مهم ويوضح لنا وأمام الملأ ماذا يجري في القناة ؟ وما الذي سيجري ؟ إن كان الحلم قد أجهض نهائيا وهذا ما أتوقعه فلماذا لا يتم بيع المبنى بما فيه من محتويات وتعويض الموظفين في هذه المؤسسة عن الفترة المأساوية التي قضوها فيها والفترة التي سيبحثون فيها عن عمل ؟!
أطالب من خلال مقالي هذا بوضع النقاط على الحروف والدفاع عن حقوق العاملين في القناة بدءا من عامل النظافة فيها ! وإيجاد الحلول الكفيلة لحل مشاكلهم المادية بدلا من ان نشاهد 220 أسرة أردنية في مهب الريح ! يا خسارة .. كم كنا نتمنى أن نشاهد هذا الحلم يتحقق على أرض الواقع ! ولكن سامحكم الله يا من تسببتم في تدمير حياة أناس كان حلمهم رفع راية الأردن عالية خفاقة في إعلام حر ونزيه ! أطالب المسؤولين بفتح تحقيق مع كل من كان سببا في تدهور هذه المؤسسة بدءا من تأسيسها وحتى هذه اللحظة .
إن كانت هناك نسبة نجاح لهذا المشروع يعتقدون بأنها ستحقق فليتم اتخاذ الاجراءات اللازمة والضوابط لتحقيق ذلك وإعلام الموظفين بخطط المؤسسة وضمان حقوقهم وإن كانت مجرد مسلسل تراجيدي فيرجى تعويض الجميع نتيجة لذلك !
من هنا أرجو من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه التكرم بالوقوف على هذه القضية لأننا كلنا ثقة بقدرة جلالته على إيجاد حل نهائي لهذه المأساة الحقيقية ! متمنيا التوفيق لإخواني وزملائي في هذه المؤسسة وإيجاد الفرصة البديلة المناسبة التي تضمن لهم العيش الكريم .
Habeeb1978@hotmail.com