العودة لمنظمة التحرير هو الحل
محمد ابو عرقوب
05-06-2008 03:00 AM
ليس من الحكمة أن نحمل الفلسطينيين كامل مسؤولية ما يحدث من انشقاق فلسطيني داخلي بل علينا أن نلقي بجزء من هذه المسؤولية عليهم أما الجزء الآخر فيعود إلى المعادلة الإقليمية والمحاور الدولية التي تلعب بكل ثقلها في الساحة العربية تحديدا فلسطين ولبنان والعراق.
وتجاوزا لكل ما حصل من اقتتال داخلي فلسطيني وقطيعة بين حركتي فتح وحماس ولأي اثر سلبي تفرضه الصراعات الإقليمية على الساحة الفلسطينية فان الحل الأمثل الذي يزداد قوة الآن هو العودة إلى مظلة منظمة التحرير الفلسطينية التي ارتبط اسمها بالتمثيل الشرعي والوحيد للفلسطينيين دون نسيان دورها في التأسيس لكيان فلسطيني قوي رغم أنها وقعت في الكثير من الأخطاء السياسية التي يمكن لأي نظام سياسي أن يقع فيها ولكن من السهل تفاديها.
القمة العربية أقرت في دورة الرباط عام 1974 أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.وقد سرى هذا التمثيل على كافة الفلسطينيين دون أي التباس لدى احد منهم بل أن تطورا كبيرا حصل عام 1976 حينما أعلن الفلسطينيون المقيمون في أراضي عام 1948 في بينان لهم اعترافهم بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا لهم.وجاء هذا البيان على اثر الأحداث الدامية التي أصبحت ذكرى وطنية باسم يوم الأرض المصادف 30 آذار من كل عام.
الفصائل الفلسطينية الرئيسية ترى في منظمة التحرير الجسم الذي يمكن أن يهضم كافة الخلافات في الفكر والسياسة الفلسطينية حتى أن حركة حماس المعارضة طالبت بإصلاحات معينة كشرط لدخولها في المنظمة يعد ذلك انجازا في قبول أقوى الحركات الفلسطينية معارضة الدخول إلى مظلة المنظمة.
وبغض النظر عن مدى التوافق أو الاعتراض مع مطالبات حماس بإصلاح المنظمة فان أمرين مهمين يجب أخذهما بالاعتبار.
الأول يتمثل في شبه إجماع إن لم نقل إجماعا على المنظمة وبالتالي البيت الذي تتوحد فيه الكلمة الفلسطينية يعود ليسكن من جيد من كافة الفلسطينيين.
الأمر الثاني أن الإصلاح أمر مطلوب حتى في اكبر المؤسسات السياسية في أي دولة كانت ولا يشكل هذا الشرط عقبة أمام إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني.
في آليات العمل السياسي الفلسطيني كما يرى السياسيون الفلسطينيون القدامى ممن عاصروا سنوات النضال وتأسيس المنظمة أن الحالة الفلسطينية بعد أوسلو عززت النزوع إلى الاستئثار بالقرار الفلسطيني وتهميش دور القوى السياسية الأخرى التي ساعدت هي أيضا على النزوع إلى هذا الاتجاه بسبب قبولها بذلك ضمنا وأخذها موقفا سلبيا ربما دعمه قبول البعض بالمكاسب المالية والسياسية التي رافقت إقامة السلطة الفلسطينية .وهذا ما نصت عليه اتفاقية أوسلو من تمكين الرئيس الفلسطيني الراحل من الاستحواذ على كافة الصلاحيات السيادية في اتخاذ القرار وبالتالي أصبح موقع رئيس السلطة الفلسطينية موقعا لاحتكار القرار الفلسطيني مما اثر بشكل سلبي على الوحدة والديمقراطية الفلسطينية التي شهد لها العالم و هذه الديمقراطية والوحدة تشوهت بفعل هذه العوامل.
بنظرة أكثر عمقا فان الفلسطينيين ممن حملوا شعرا التسوية السليمة مع إسرائيل دخلوا في اتفاقات السلام دون أن يكون لديهم سلام في داخلهم أو تصالح معتبرين أن الدعم الدولي لهم سيقضي على الآثار السلبية التي قد تنجم عن هذه الاختلافات الجوهرية.
وبرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن الحياة بدأت التشوهات تظهر لان الرئيس الفلسطيني الراحل كان يحظى باحترام كبير حتى من معارضيه مما ساعد على تأخير انفجار الوضع الفلسطيني.
التشوهات التي بدأت تنكشف في الوضع الفلسطيني أسهم فيها كل من أسهم في عملية السلام أي الدول الغربية والعربية وإسرائيل.ذلك أنها همشت دور منظمة التحرير التي كانت تقوم على أساس ميثاق وطني .كما أنها شطبت البرنامج الوطني المشترك وانفرط عقد الائتلاف الفلسطيني في بيت الفلسطينيين منظمة التحرير الفلسطينية.
لقد أصبحت العودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني حاجة وطنية فلسطينية وعربية لكون العرب هم من أعلنوا شرعية المنظمة في تمثيلها للفلسطينيين عام 1974 وهم الآن من ساهموا في تهميشها من خلال التعامل فقط مع السلطة الفلسطينية كممثل للفلسطينيين وهذا ما احدث إشكالية كون السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تكون مسؤولة عن فلسطينيي الشتات كما أن الكثير من الأحزاب الفلسطينية المهمة لا تعترف بالسلطة الفلسطينية وليدة أوسلو هذا بالإضافة إلى الفلسطينيين المقيمين في الداخل الذين يشعرون أنهم يعيشون أزمة تمثيل.
إن الحل الوحدوي الفلسطيني لا يمكن أن يمر إلا من خلال بيت المنظمة من خلال إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني وفصل رئاسة السلطة الفلسطينية عن رئاسة المنظمة وجعل السلطة كيانا تنفيذيا له مرجعية سياسية واحدة هي منظمة التحرير التي تضم تحت مظلتها الفصائل الفلسطينية.
واجب كبير على الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشعل وقيادات الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج أن يفكروا بهذا الحل المجرب في لملمة الجرح الفلسطيني وتوحيد الكلمة.فلم يكن الفلسطينيون يوما موحدين على كلمة واحدة إلا في عهد قوة المنظمة.
وهنا لا يمكن تجاهل بعض المستنفذين في السلطة الفلسطينية الذين يرون في عودة منظمة التحرير الفلسطينية حاملة كافة ألوان الطيف الفلسطيني تهديدا علنيا لمصالحهم الخاصة التي تجد طريقها في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي على حساب القضية الوطنية.