يحرضون على "الإخوان المسلمين"
ياسر ابوهلاله
05-06-2008 03:00 AM
تجدد النقاش حول قانونية وضع جماعة الإخوان المسلمين مع إحالة الحكومة لقانون الجمعيات الجديد. ومع أن الحكومة تركت الباب مفتوحا للأسئلة ولم تقدم إجابتها، إلا أن بعض أعداء الإصلاح السياسي وجدوا في طرح القانون مناسبة لزرع ألغام في طريق الجماعة والحكومة معا وإشغالهما في معارك جانبية. في ظرف يتطلب طي صفحة الأعوام العجاف في العلاقة بين الجماعة والدولة.
وإن كان التشكيك بقانونية الجماعة ينسجم مع العلاقة الصدامية بين الدولة والجماعة، على خلفية حل جمعية المركز الإسلامي والانتخابات البلدية والنيابية إلا أنه لا علاقة له بالشهر الأخير؛ ففيه استقبلت قيادات من الجماعة في الديوان الملكي وفي رئاسة الحكومة بحضور جلالة الملك. ولا يعقل أن يلتقي رأس الدولة بخارجين عن القانون؟
لا تعلو الجماعة فوق القانون، ولم تدّع ذلك يوما. ولكنها متمسكة بحقها المكتسب الذي حصلت عليه بقرار من رئاسة الوزراء قبل الاستقلال. والذي حمل التصريح يومها هو أحمد الطراونة، الأخ المسلم الذي صار رئيس الديوان الملكي من بعد. وافتتح مركزها العام الملك عبدالله المؤسس الذي كان يريد أن يمنح لقب الباشوية للإمام البنا قبل أن يغتاله الملك فاروق.
ومر على الجماعة منذ تأسست شخصيات تولت أرفع المواقع في الدولة (هزاع المجالي ، أحمد عبيدات، عبدالرؤوف الروابدة، مصطفى القيسي..)، وقادت الجماعة مجلس النواب الحادي عشر الذي وضع القوانين المؤسسة للحياة الديمقراطية (إلغاء الأحكام العرفية، الأحزاب، المطبوعات..) وإلى اليوم تحافظ على حضورها في مجلس النواب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.
لم تحقق الجماعة حضورها بسبب محاباة الدولة لها، على العكس كانت العلاقة الجيدة مع الدولة "عيبا" تعيرها بها القوة اليسارية والقومية التي اصطدمت بالنظام. وفي انتخابات 1989 كانت سنوات الاعتقال في سجن الجفر من لوازم الدعاية الانتخابية. وهو ما لم يتحقق لأحد من الإخوان!
تحققت الشراكة مع النظام بفعل التقارب الفكري ابتداء، فالملك المؤسس كان يرى بنفسه عالم دين يعقد جلسات العلم ولا يرى نهضة للأمة إلا على أساس الإسلام. وكان شعر الثورة العربية الكبرى "حفظ الدين وحرية العرب" وهو ما يتوافق مع أفكار الإخوان ويتناقض مع أفكار الأحزاب الشيوعية والقومية. وفي عهد الملك الحسين توثقت الشراكة في ظل الصدام مع عبد الناصر في مصر وعبدالكريم قاسم في العراق. وكان من الطبيعي أن يغدو كامل الشريف المطارد في مصر وزيرا في الأردن، ويحمل بهجت التلهوني جواز السفر الأردني لمحمد محمود الصواف المراقب العام للإخوان المسلمين في العراق.
وجد الإخوان أنفسهم في خندق الحكم بمواجهة الشيوعية والناصرية، في الخمسينيات والستينيات، وفي السبعين وقفوا في صف الدولة ضد "سلطة المقاومة" التي كانت قد ابتدعتها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. مع أن علاقتهم بفتح كانت وثيقة، خصوصا أن عددا من قادتها المؤسسين كانوا من الإخوان مثل: أبو جهاد خليل الوزير وصلاح خلف أبو إياد وهاني الحسن وغيرهم.
بعد كل هذا التاريخ يبدو السؤال حول شرعية الإخوان ضربا من التحريض. وفي أرقى الديمقراطيات مثل أميركا يوجد جماعات ضغط ("اللوبي") تفوق أهميتها الأحزاب. فاللوبي الصهيوني يؤثر في السياسية الأميركية، ولوبي المتقاعدين يؤثر، ولوبي الإيرلنديين. ولو أن الدولة استجابت للتحريض فماذا سيتغير؟ تمثيل الإخوان المسلمين وهم جماعة محظورة في مصر أكثر في مجلس الشعب المصري منه في مجلس النواب الأردني!
المطلوب اليوم دفع عجلة الإصلاح السياسي المتعطلة، لا زرع الألغام في طريقها.
الغد.