لم نكن نتوقع ونحن نعيش ظروفا استثنائية وتحديات متزايدة اقليمية ودولية والتي تتطلب وقفه وطنية موحدة والتفافا قويا وواضحا حول اولوياتنا وقيادتنا ان تسقط ورقة التوت عن بعض النخب السياسية وتظهر على حقيقتها في انتمائها لنفسها ومصالحها رغم التنظير ودموع التماسيح التي كانت تنهمر لاغراض التمويه والكذب على الوطن .
فبينما تنغرس القيادة في متابعة التطورات العالمية تجاه قضايانا المصيرية والتحديات التي تواجه الاردن والمشاركة في كل جهد يطرح من اجل استقرار المنطقة والتصدي لكل ما يسيء او قد يسيء للاردن نجد اصحابنا النخب يتركون الوطن وهموم الشعب ومصاعبه لينخرطوا في مصالح ضيقه ومناكفات سيئة عكست مدى الوهن والضعف الذي اصاب العديد من نخبنا السياسية التي لا تتقن الا المناكفة والاصطياد بالماء العكر ولا تتفرعن الا عندما تعفى من السلطة، وكان مناصب الدوله طاب للابد او انها مصلحة شخصية لا يجوز ان يخرجوا منها؟
ان نخبنا السياسية هذه الايام بغض النظر عن طبيعتها تدخل في معترك صراع غير مقبول وغير مبرر وعلى مواضيع كان من المفروض ان تترفع عنها وترتقي بتفكيرها الى المستوى الوطني وتحدياته خاصة وهم يشاهدون الملك يحمل ملفات صعبة ويكافح وحده بكل قوة فيدافع عن القدس ومحاولات تهويدها وعن القضية الفلسطينية وعمليات طمسها وعن سوريا التي تتآمر عليها جهات وفئات و عن الدين الذي يتعرض للتشويه وعن العروبة التي اصابها الوهن وبدأت قواعدها بالتآكل وهو يرى مطامع الدول الكبرى تتسابق لهضمها وتقسيمها ؟
ان واقع المرحلة القادمة التي تشهد فوضى اقليمية عارمة واخطاراً سياسية جغرافية عسكرية غير مسبوقه وظروفاً اقتصادية محيرة تحتاج من هذه النخب الابداع في رسم خارطة طريق اردنية تتلاءم مع تطلعات الوطن والملك الاصلاحية والدفع بها للامام وهذا يتطلب التوازن والمنطق في التعامل ووضع المصلحة الوطنية كخط احمر لا يجوز العزف الا عليه فقط بحيث يتم توحيد الجبهة الداخليه وتقوية عناصرها وخاصة الوعي والوحده والتماسك والارتقاء بمستوى التفكير بما يتلاءم ويتماشى مع استحقاق هذه المرحله .
آن الاون ان نهيئ لمرحلة الاصلاح الجديده تشريعيا وتنظيميا وفكريا , سياسيا و ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا , بحيث يشارك المجتمع بكل مشاربه وشرائحه و نوسع من قاعدة المشاركة لتصبح ممثله حقيقية للمواطن , وان نمضي لتشكيل الاحزاب واختيار النواب الاكفاء الممثلين فكريا لابناء الشعب وهمومه وتطلعاته وتشكيل الحكومات البرلمانية
ماذا يجري بين النخب ولماذا هذه التحديات والاستعراضات , ولماذا هذه التحالفات التي تقسم الوطن الى سيوف تتصارع لا مجاديف تنقلنا لبر الامان, ماذا يجري للنخب وهي تتراصص رغم اختلافها التاريخي لمجرد التقاء المصالح , وما هذه الدعوات التي تنادي لمؤازرة شخصيات سياسية والوقوف معها جراء انتهاء عملها وكانها الامر الناهي بامر الناس .
ان تشكيل جبهات للنخب , والبدء بالتحشيد والتكاتف لمواجهة بعضها البعض انما يؤشر لمرحلة خطرة وصعبة لا يتحملها الوطن وستنعكس بشكل مباشر على المواطن المنهك والمصاب والذي ينتظر من هذه النخب وخاصة من تمتلك القرار التنفيذي والتشريعي الخروج به الى شاطئ الامان ؟؟
نعم نحن بامس الحاجة الى نخب جديده تبني على ما تم من ايجابيات وتمضي بفكرها الجديد وعزيمتها المتفجره , فما احوجنا الى الانفتاح بدل الانغلاق , والتوسع بدل الانكفاء والصراحة والشفافية والنزاهة بدل الطبطبة والمحاباة والانزواء
ولا اضن ضمن هذه المعطيات وهذه الظواهر السلبية ان نطمئن على مستقبل الاصلاح بمثل هذه النخب الامر الذي يتطلب اعادة البناء السياسي بنخب جديده يقودها ابناء وطن اصحاب خبرة ودراية وحرص قيادات مصلحتها الاولى هي الشعب لا النفوذ والارصده والشله فهذا الوطن وطن للجميع وليس مقصور على احد .
ان التأكيد على حاجتنا السياسية الى نخب سياسية جديده اصبح حاجة ملحة وضرورة حتميه بعد ان فشلت النخب القائمة او العديد منها بالولوج بالوطن الى مرحلة الاصلاح المنشود رغم كل المناصب والمواقع التي تسلمتها وملكت بها القرار التشريعي والتنفيذي. فتعزيز نخب سياسية جديده تحمل الفكر الاصلاحي الانفتاحي المتبصر والوطني وتمتلك العزيمة والانطلاق نحو المزيد من التقدم والتطور وتؤمن بروح المشاركة والوصول لمختلف فئات الشعب والتفاعل معهم والتزود بافكارهم وتبني تطلعاتهم و تدرك ما يجري من حولنا وتعرف اين تكمن مصلحة الوطن والامة وكيف الوصول اليها , وتعمل بعزيمة الشباب المقتنع بالحيوية والمؤمن بالشفافيه. نعم تؤيد كل الاصوات التي نادت بهذا التطلع لان الامر قد بلغ اوجه ولا بد من التغييير .