يركضُ الأسبوعُ سريعاً إلى الخميس، مِثْلَ بائعٍ متجوِّلٍ يُنادي على خبزٍ يابسٍ، أو أثاثٍ قديم. يُصغي لصمتِ الأزواجِ، وثرثرة العشّاقِ، ولا يأبهُ للتعب.
تخمسُ خميسكَ، كأيِّ قطٍّ بريٍّ. خذهُ من أوّلهِ. من ضجَرِ الدوام، ومن بقايا الراتبِ. من غضبِ الطريقِ، إلى رائحةِ الإجازة.
تخمسُ المرأةُ خميسها وحيدةً، دُونَ رسالةٍ نصيّة واحدة. دون غزل. المراهقةُ وضعت هاتفها على الصمت. الابنةُ الكبرى تشتكي من جلي الصحون. الأم تفكِّرُ في غداء الجمعة. أغلبُ الظنِّ أنَّ الزوجَ يُفكِّرُ في افتعالِ شجارٍ، ليهربَ إلى النوم. إنَّهُ عَبْدُ الواجب.
كثيرون يخمسونََ خميساً آخر. في المطاعم والضجيج. هذه ليلة الفساتين والعطور والتباهي، والشكوى من تأخُّر "الڤاليه" في إحضار السيارة.
وثمةَ حديثٌ طويلٌ عن ارتفاع أسعار الخضار في حيٍّ شعبي. وفي الفنادق يُدخِّن السياسيون السيجارَ، ويفتحونَ الفناجين، بما يُشبهُ النميمة. إنهم مشغولون في قراءةِ المرحلة. ومن قَالَ إنَّ المرحلة لا تقرأُ ولا تكتبُ، مِثْلَ "أم مُحَمَّد" التي انتخبت إمامَ المسجدِ، فأصبحَ نائباً، وتَزوّج الثانية، وخطبَ في اليوم التالي عن العدالةِ وحقوق المرأة تحتَ القبة. كلّنا خميسيّون. يركضُ فينا الأسبوعُ، ويقطعُ الإشارةَ الحمراءَ، ويُلقي العلبَ الفارغةَ من نافذةِ السيّارة، ويكذبُ على الجيران بأنَّ الأمرَ ليسَ أكثرَ من "خلافٍ عائليٍّ.. الله يلعن الشيطان"..
ذلك لأجلِ الكتابة. لأجلِ الدُخانِ، والبُخار الذي على الشبابيك. أمّا خميسي فجميلٌ، وفيه الكثيرٌ من المسرَّة.