مع بدء العد التنازلي لمباراة منتخبنا الوطني لكرة القدم مع نظيره الكوري الجنوبي ضمن تصفيات المجموعة الآسيوية الثالثة المؤهلة للدور الثاني من تصفيات كأس العالم، بدأت ذات الأخطاء تتكرر في التعامل الرسمي والشعبي مع هذه المباراة التي تعتبر غاية في الأهمية والحساسية في مشوار منتخبنا نحو اجتياز هذا الدور للمرة الأولى في تاريخه، حيث يحتاج إلى تحقيق الفوز لرفع رصيده إلى 7 نقاط وبالتالي الانطلاق في صدارة المجموعة ومباشرة البحث عن إحدى بطاقتي المجموعة.
والأخطاء التي نقصدها هنا في التعامل مع مثل هذه المباراة، كانت السبب في نكسات متتالية للمنتخب شهدناها على ملاعبنا ووسط جمهورنا، حيث ما زالت خسارتنا أمام إيران في تصفيات كأس العالم السابقة هنا في عمان بهدفين نظيفين عالقة في الذاكرة، والمنتخب كان بحاجة إلى التعادل فقط لضمان مقعده في الدور الثاني، وحينها كان المطلوب فريق واحد فقط، كما أننا لا زلنا نذكر تلك الخسارة الصاعقة من المنتخب الكوري الشمالي في بداية المشوار، ولو تحقق لنا الفوز فيها لكنا الآن مبتعدين في الصدارة، وبحاجة لفوز واحد فقط لبلوغ الأمل الكبير.
تعودنا في المباريات التي تقام على أرضنا أن تحشد وسائل إعلامنا كل طاقاتها وقدراتها في شحذ همم النشامى، ورفع معنوياتهم، ووضعهم أمام مسؤولياتهم، ومطالبتهم بالبذل والعطاء، معتبرة أن الخسارة آخر الدنيا والفوز هو السبيل الوحيد للقفز نحو فضاءات الإنجاز، وإلى جانب وسائل الأعلام، يتدخل الفن بأعنيات حماسية تشدو بها الإذاعات، وتسمعها في الأسواق والسيارات العمومية والخاصة، وحتى في البيوت، يتنادى الجميع للاحتشاد في الملعب للوقوف خلف منتخب الوطن، وتتطوع عدة جهات في رفع حماسة الجمهور قبل ساعات من المباراة، مما يثقل كاهل اللاعبين بمسؤوليات جسام قد تكون في غالبها أكثر من قدرة على الاحتمال، خاصة وهم لاعبون هواة، غير متفرغين تماما للكرة وعالمها، ولا يوجد معهم متخصص في علم النفس قادر على إخراجهم من هذا الوضع وإرشادهم للطريقة السوية في التعامل مع مثل هذه الأمور كما هو الحال في المنتخبات الأخرى ومنها منتخبات عربية.
بدأت حملة الترويج للمباراة التي ستنطلق يوم السبت المقبل بمجرد تعادلنا مع كوريا الجنوبية السبت الماضي، ومعها بدأت الحالة الشعبية تتكرر من جديد، وبات ستاد الملك عبدالله الثاني في القويسمة هدفا للجميع يوم الموقعة الكبرى.
أذكر أنني استضفت كابتن المنتخب الوطني حسونة الشيخ في إحدى حلقات برنامج همس المدرجات الذي تبثه قناة art وسألته بكل صراحة عن درجة تأثره بما يدور حوله من أحداث قبيل المباريات الكبيرة، فأجاب بأن ذلك يشكل ضغطا كبيرا عليه وعلى زملائه، وهم بالنهاية بشر، وقد لا يطيقون بعض التصرفات خاصة في حال انقلاب الجمهور عليهم كما حدث في مباراة كوريا الشمالية، التي تحول فيها الجمهور إلى عامل ضغط سلبي بعد تلقي مرمانا الهدف الوحيد، وهو ما جعل مهمة اللاعبين صعبة في العودة من جديد ولو بهدف التعادل.
جملة القول نوجزها بمطالبة الجميع بالتعامل مع المباراة بشكل أكثر هدوءا، نعم النتيجة مهمة جدا لمنتخبنا، لكن في ذات الوقت، لا بد من الحفاظ على اللاعبين وعدم وضعهم في موقف صعب، خاصة بعد أن أثبتوا علو كعبهم في التصفيات بالقدرة على الإنجاز خارج حدود الوطن عندما حققو الفوز على تركمنسان وعادوا بالتعادل الثمين من كوريا الجنوبية.
ندعوا الله ان يتوج جهود النشامى بتحقيق الفوز، ونأمل من الجمهور الأردني الوفي أن يقف إلى جانب المنتخب مهما كانت النتيجة، طيلة فترات المباراة، وأن لا ننسى أن هؤلاء النشامى هم أبناؤنا وإخواننا، ولن يتوانوا عن تقديم أفضل ما عندهم لرفع راية الوطن الغالي.