سحب هويات المقدسيين .. تهديد للأردن أيضا!
ماهر ابو طير
29-10-2015 12:26 PM
تهدد حكومة تل ابيب بسحب هويات المقدسيين، وان المشروع قيد الدرس، والهدف من تسريب المعلومات اخافة المقدسيين، وأطفاء الغضب داخل القدس ضد الاحتلال.
نتنياهو يعرف ان السوار الشعبي الذي يحيط بالحرم القدسي، هو الذي يحميه، وهو الذي يمنع تهويد المدينة كاملة، وهو هنا، يتصرف باعتباره صاحب الامر والنهي، وكأن سحب الهويات بشكل جماعي، سيؤدي الى ارسال باقات زهور الى مقر الحكومة تعبيرا عن شكر المقدسيين لهذه الخطوة، من حيث دلالالتها، وعليه ان ينتظر مالا يتوقع لحظتها.
يتصرف نتيناهو مثل ثور هائج، وعيونه تقدح شررا، ولايتعلم من ان اي محاولة لمس العصب العام لملف القدس، تأتي بنتائج عسكية، ما بالنا حين يكون تهديده بسحب هويات المقدسيين؟!.
هويات المقدسيين، في الاساس، بطاقات اقامة لمدة عشرة اعوام، وقد سحبت تل ابيب سابقا عشرات الاف البطاقات على مدى عقود، واهل القدس اليوم، يختلطون في جذرهم الاجتماعي بين عائلات مقدسية واخرى خليلية، وكلهم يحملون بطاقات اقامة مقدسية، ويعدون مقدسيين.
مع هؤلاء الاف العائلات المقدسية التي تعيش خارج القدس، وهناك عشرات الاف المقدسيين –الاردنيين،يعيشون في الاردن ويحملون جوازات سفر اردنية بأرقام وطنية، ويحملون في ذات الوقت هويات القدس، ولديهم على الجسور بطاقات صفراء، ومثلهم اعداد كبيرة موزعة في المهاجر يحملون جنسيات اجنبية ويحملون بطاقات القدس، فالتهديد الاسرائيلي موجه في جانب من جوانبه الى مواطنين اردنيين، والى مواطنين يحملون جنسيات اخرى.
توجيه ضربة للسوار الشعبي المقدسي، بذريعة العمليات يستهدف عدة اشياء، اولها اطفاء شرارة الانتفاضة داخل القدس، وبث الرعب حول مستقبل المقدسيين، عملهم، بيوتهم،اراضيهم، سفرهم، وغير ذلك، من اجل تهويد مشاعرهم، وتحولهم الى خدم فقط في المستوطنات، دون ان يتحرك احد منهم غضبا لله في الاقصى.
الهدف الثاني استغلال حوادث الطعن، لتنفيذ قرارات اسرائيلية متخذة مسبقا، وليس لها علاقة بحوادث الطعن، اي نسف التواجد العربي في القدس، تمهيدا لاكمال تهويد المدينة، وبالتالي نزع الكتلة السكانية المقدسية، من خارطة الحقوق التي يحصلون عليها من المحتل، وفصلهم، لاحقا، باتجاه مواطنة داخل الضفة الغربية، او بلا مواطنة، بحيث يتحول هؤلاء الى –بدون- ونحن نعرف انه ليس مسموحا للسلطة الوطنية الفلسطينية منحهم اي ارقام وطنية.
تسعى اسرائيل عبر هذا التسريب ايضا الى اجبار المقدسيين على الحصول على جوازات اسرائيلية من باب الخوف على الوجود القانوني، وبرغم ان هناك عددا من المقدسيين يحملون هذه الجوازات من اجل البقاء في القدس، الا ان اسرائيل تتمنى ارباك كل المقدسيين وايقافهم في طوابير امام الداخلية الاسرائيلية للتقدم بطلبات للحصول على جنسية وهذا يتطلب في الحد الادنى سجلا امنيا نظيفا بالمعيار الاسرائيلي.
تهديد اكثر من 100الف مقدسي بسحب هوياتهم جماعيا له اهداف كثيرة، اقلها تحويل المقدسيين في القدس الى – بدون- معزولين في احياء عربية مرحليا حتى يتم ترحليهم لاحقا، الى الضفة الغربية باعتبار ان اقامتهم غير قانونية، في مدينة القدس.
بيد ان غباء نتنياهو يستحق جائزة، لان مثل هذه الخطوة كفيلة بانفجار غضب عارم، بلا حدود، سيراه بأم عينيه، لحظتها، فالرابط بين المقدسيين وملف الاقصى رابط واضح، ولايمكن ان يفهم الناس ان هذه خطوة معزولة عن ملف الاقصى، لاننا في هذه الحالة سنرى منعا لكل المقدسيين من دخول الحرم القدسي، باعتبارهم بلا هويات، فيصير الحرم فارغا، ويتفرد به الاحتلال.
دون ان نحمل الاردن مسؤولية كل شيء، لكن هناك جانبا ارتداديا يتعلق بالاردن، بشكل واضح، فالعملية موجهة ضد الفلسطينيين وضد الاردن ايضا، اما لماذا ضد الاردن، فالسبب بسيط؟!.
حين تلغي اسرائيل هويات المقدسيين التي يحملها مواطنون اردنيون ويعيشون في الاردن، من حملة البطاقات الصفراء، فهي تطبق جزءا من التوطين هنا، بحيث تحولهم الى اردنيين بشكل كامل دون اي صلة بالقدس، وهي تريد استغلال حوادث الطعن لاجل تنفيذ هذا الجزء الذي يسمح لها فعليا بالتخلص من عشرات الاف الاردنيين- المقدسيين، واعادة تصدير المشكلة بحيث يثور الجدل مجددا في الاردن حول حق هؤلاء في الجنسية الاردنية، ماداموا فقدوا اقامة القدس، وبحيث يتم تصنيع مشكلة اردنية على شكل جماعي، فالمراد تصنيع ازمة في الاردن.
الذي يرى في قصة هويات القدس مجرد تهديد ارعن، يكون غير عميق ابدا.تسريبات اسرائيل تضرب عصفورين بحجر واحد.تضرب الاردن وفلسطين معا.
ينام نتنياهو وهو يصرح ان قدر اسرائيل ان ترفع السيف طوال عمرها.حسنا.بامكانها رفع السيف. لكن لاتسالوا لماذا يسحب الفلسطينيون خناجرهم وسكاكينهم ويطعنون اسرائيل في خواصرها الرخوة؟!.
الدستور